إلى طعام، أو سترة ونحوهما إذا وجد ذلك يُباع (٧٠)، ويصح أيضًا (النكاح، وسائر العقود) كالقرض، والرَّهن، والضَّمان والإجارة، وإمضاء بيع خيار؛ لأن ذلك يقلُّ وقوعه، فلا تكون إباحته ذريعة إلى فوات الجمعة، أو بعضها، بخلاف البيع (٧١)(ولا
وكلها محرمة، وما يؤدي إلى الحرام حرام مثله، ومعلوم أنه إذا حُرِّم شيء: حُرِّمت جميع مقدماته، فما لا يتم فعل الحرام إلا به: فهو حرام؛ فإن قلت: لِمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية المسلم من أن يشتغل عن عبادته التي خُلق لأجلها.
(٧٠) مسألة: يجوز البيع والشراء بعد النداء الثاني لصلاة الجمعة عند الضَّرورة كأن يضطر مسلم إلى طعام؛ خشية الهلاك أو المرض على نفسه أو على من يعول أو على أي شخص رآه، وكذا: إذا اضطر إلى سترة يستر بها عورته: فإن هذا يجوز له أن يشتريهما ولا يحرم على البائع أن يبيعهما إذا علم الحال؛ للمصلحة: حيث إن ذلك فيه إبقاء على النفس وفيه ستر العورة الواجبان، ضرورة، وهذا فيه دفع مفسدة ومضَرَّة، ودفع المفسدة مُقَدَّم على جلب المصلحة، تنبيه: قوله: "الحاجة" يُعبِّر كثير من الفقهاء بالحاجة ويقصدون بها الضرورة، والأولى: أن يُصرِّحوا بلفظ "الضرورة"؛ لكونها هي المقصودة هنا، ولوجود الاختلاف بين الحاجة والضرورة.
(٧١) مسألة: تصح سائر العقود والمعاملات - غير البيع - بعد النداء الثاني من يوم الجمعة: كعقد الإجارة والقرض، والرهن، والضمان، وإمضاء بيع فيه خيار أو فسخه، والنكاح ونحو ذلك؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ حيث دلَّ مفهوم الصفة على جواز العقود الأخرى - غير البيع - وهو واضح؛ فإن قلتَ: لِمَ صحَّت تلك العقود، دون البيع؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن تلك العقود لا يُلجأ إليها إلّا عند الضرورة عادةً، فتكون نادرة الوقوع، ووقوعها لا يصل إلى درجة انشغال القلب بها عن العبادة؛ لسهولتها على النفس؛ إذ يُمكن إدراك ما فات منها، بخلاف البيع: فهو مُشغل للقلوب؛ لأن المبيع قد خرج ولا يمكن إدراكه =