للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصح بيع عصير) ونحوه (ممن يتّخذه خمرًا)؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (ولا) بيع (سلاح في فتنة) بين المسلمين؛ لأنَّه نهى عنه، قاله أحمد قال: "وقد يقتل به، وقد لا يقتل به"، وكذا: بيعه لأهل حرب، أو قطَّاع طريق؛ لأنَّه إعانة على معصية، ولا بيع مأكول ومشموم لمن يشرب عليهما المسكر، ولا قدح لمن يشرب به خمرًا، ولا جوز وبيض لقمار، ويحرم أكله ونحو ذلك (٧٢) (ولا) بيع

فيشتدُّ هذا على قلب المسلم، فيؤدِّي إلى انشغاله عن الصلاة، فإن قلتَ: إن جميع العقود: سواء كان عقد بيع، أو غيره تحرم بعد النداء الثاني للجمعة، وهو قول بعض العلماء من الحنابلة وغيرهم، وأيَّده ابن عثيمين؛ للقياس، بيانه: كما أنه يحرَّم عقد البيع فكذلك سائر العقود مثله، والجامع: أن كلًّا منها يُعتبر عقد معاوضة مُشغل للقلب عن الصلاة. قلتُ: إن هذا قياس فاسد؛ لأمرين: أولهما: أنه قياس مع النص؛ حيث إن مفهوم قوله تعالى: "وذروا البيع" دلَّ على جواز هذه العقود - غير البيع - بعد النداء الثاني وقد سبق، ثانيهما: أنه قياس مع الفارق؛ لأن البيع كثير الوقوع بين الناس؛ لكونه مصدر رزق كثير منهم، وهو مشغل للقلب عادة - كما سبق بيانه - بخلاف غير البيع من العقود: فإنه نادر الوقوع، لكون الناس لا يتعاملون بها إلّا عند الضرورة، وغير مشغل للقلب عادة - كما سبق بيانه - ومع وجود النص والفارق: لا قياس فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلت: سببه: "تعارض القياس مع النص".

(٧٢) مسألة: إذا غلب على ظنّك أن المشتري لشيء عندك سيستعمله بالمحرمات بعلامات وقرائن: فلا يجوز لك أن تبيعه ذلك الشيء، فمثلًا: إذا غلب على ظنك أن المشتري لهذا العنب، أو الشعير سيجعله خمرًا، أو أن المشتري لهذا السلاح، أو التروس، أو الدروع سيستعمله في فتنة بين المسلمين، أو حرب، أو قطع طريق، أو أن المشتري لهذا المأكول، أو الطيب سيشرب عليه ما يُسكره، أو المشتري لهذا الإناء سيستعمله لحفظ الخمر، أو أن المشتري لهذا البيض أو الجوز، أو البندق سيستعمله للقمار، أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>