للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عبد مسلم لكافر إذا لم يعتق عليه)؛ لأنَّه ممنوع من استدامة مُلكه عليه؛ لما فيه من الصَّغار فمنع من ابتدائه، فإن كان يعتق عليه بالشراء: صح؛ لأنَّه وسيلة إلى حُرِّيته (٧٣) (وإن أسلم) قنٌّ (في يده) أي: يد كافر، أو عند مُشتريه منه، ثم ردَّه لنحو

المشتري لهذا العبد سيستعمله للواط، أو المشتري لهذه الجارية سيستعملها للزنا، أو المشتري لهذه الدار سيستعملها للمعاصي والمنكرات: فإن البيع عليه حرام ولا يصح إذا وقع، أما إن وقع الشكّ في ذلك: فالبيع صحيح، ولكنه مكروه، أما إن لم يغلب على الظن شيء، ولم يشك: فالبيع جائز بلا كراهة؛ للكتاب: حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ حيث حرّم البيع المؤدِّي إلى محرم؛ لأن النهي مطلق، فيقتضي التحريم والفساد، وهو عام لكلّ ما ذكرناه من الصور؛ لأن "الإثم" و "العدوان" لفظ مفرد محلَّى بأل، وهو من صيغ العموم، فإن قلتَ: لمَ حُرِّم البيع هنا ولا يصح؟ قلتُ: للمصلحة حيث إن ذلك فيه حماية أفراد المسلمين، والمجتمع الإسلامي من المعاصي والمنكرات، والحروب والفتن، ودفع مفاسد هذه الأمور، مُقدَّم على جلب مصالح البيع والشراء [فرع] يحرم أكل ما اكتُسب بواسطة القمار؛ للتلازم، حيث يلزم من كونه قد أُخذ بطريق غير شرعي: أنه حرام أكله [فرع ثان]: الإجارة والإعارة كالبيع في هذه المسألة وهي مسألة (٧٢).

(٧٣) مسألة: إذا كان بيع العبد المسلم على كافر وسيلة إلى إعتاقه كأن يكون العبد ذا رحم محرم كابن الكافر وإن نزل، أو أبيه وإن علا ونحو ذلك، أو علَّق السَّيد العتق على بيعه على كافر بأن يقول البائع للكافر: "إذا ملكت هذا العبد فهو حُرٌّ" ففي هاتين الصورتين يصح بيع العبد المسلم على الكافر، ولا يصحّ بيعه عليه في غيرهما؛ للمصلحة: حيث إن بيعه على كافر إذا كان سببًا ووسيلة إلى عتقه فإنه يصح؛ دفعًا لمفسدة الرِّق، وإن لم يكن البيع سببًا لعتقه: فلا يصح؛ دفعًا لمفسدة الذُّل والصَّغار التي ستلحق العبد المسلم إذا كان تحت ذلك الكافر؛ قياسًا على استحباب شراء العبيد المسلمين الذين تحت الكفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>