الاستيفاء من الغريم، ولا يمكن استيفاء المسلم فيه من عين الرهن، ولا من ذمَّة الضامن؛ حذراً من أن يصرفه إلى غيره (٤٢)، ويصحّ بيع دين مستقر كقرض، أو ثمن مبيع لمن هو عليه بشرط قبض عوضه في المجلس، وتصحّ هبة كل دين لمن هو عليه، ولا يجوز لغيره، وتصحّ استنابة من عليه الحق للمستحق (٤٣).
(٤٢) مسألة: إذا اشترى زيد من بكر أصواعاً من بر بعشرة آلاف، واستلم بكر ثمنها هذا في مجلس العقد، واتفقا على أن يقع استلام الأصواع من البائع - وهو المسلم إليه - بعد سنة: فإنه لا يصح أن يرهن بكر هذه الأصوع عند محمد عن دين يُطالبه به محمد هذا، ولا يصح أن يكفل بكر أحدًا بهذا المسلم فيه؛ للتلازم؛ حيث إن الرهن إنما يجوز بشيء يُمكن استيفاؤه من ثمنه عند تعذُّر الاستيفاء من الغريم، وكذلك الكفالة بالمسلم فيه، ولا يمكن استيفاء المسلم فيه من عين الرهن، ولا من ذمة الضامن؛ فقد يصرفه إلى غير المسلم فيه فلزم عدم صحته، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه منع للتحايل لأكل أموال الناس بالباطل.
(٤٣) مسألة: إذا كان زيد يُطالب بكراً بألف دينار ديناً عليه لزيد: فيصح أن يبيع زيد تلك الدنانير على بكر ويأخذ عنها دراهم، أو إبل، أو غنم، ويصح أن يهبها زيد لبكر بشرط: قبض عوضه في المجلس العقد والتفرق ولا شيء بينهما، ولا يصح بيع ذلك الدَّين - وهي ألف دينار - لغير بكر؛ للسنة القولية: حيث كان الصحابة يبيعون الإبل بالبقيع بالدنانير، ويأخذون عنها الدراهم فسألوا النبي ﵇ فقال:"لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما شيء" فلا بدَّ من هذا الشرط لهذا النوع من البيع، وخصِّص هذا ببيعه على من هو عليه الدين، أما غيره فلا يصح؛ لأنه غير قادر على تسليمه، ولا يصح بيع دين غير مستقر كدين كتابة عبد؛ لكونه قد يعدل العبد عن الكتابة، تنبيه: قوله: "وتصح استنابة من عليه الحق للمستحق" قد سبق بيان ذلك في باب "الخيار".