لحمله مع أمن البلد والطريق (١٦)، وإذا قال:"اقترض لي مائة ولك عشرة": صحَّ؛ لأنها في مقابلة ما بذله من جاهه، ولو قال:"اضمنِّي فيها ولك ذلك": لم يجز (١٧).
(١٦) مسألة: إذا استلم المقترض القرض في بغداد - مثلًا - وأراد أن يوفي المقرض في بلد آخر كمكة مثلًا: فلا يُجبر المقرض: أن يأخذ ذلك ويستلمه في مكة - مثلًا -: فإن المقرض يُخيَّر بين أن يأخذه وبين أن يمتنع: سواء كان الطريق آمنًا أو لا، وسواء كان لحمله مؤنة أو لا، وسواء تضرَّر المقرض أو لا؛ للتلازم؛ حيث إن مكان القرض - وهو بغداد هنا - هو الذي يجب تسليم القرض فيه: فيلزم الوفاء به، وهذا من حق المقرض إلا إذا أسقط المقترض حقه، فيكون كغيره ممن يُسقطون حقوقهم، فإن قلتَ: إنه إذا كان لا مؤنة لحمل القرض كالأثمان مع أمن الطريق والبلد: فإنه يلزم المقرض قبول الشيء الذي أقرضه واستلامه وهذا ما ذكره المصنف هنا، للتلازم؛ حيث يلزم من عدم لحوق الضرر إلى المقرض: أن يقبل ذلك قلتُ: إن تقدير الضرر وعدمه راجع إلى المقرض: فهو بالخيار في ذلك؛ لأن الحقَّ له، فلا يُلزم بشيء؛ لأن إلزامه بشيء قد يُلحق به الضرر من حيث لا نعلم فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازمين".
(١٧) مسألة: إذا قال زيد لبكر: "اقترض لي من محمد مائة درهم ولك عشرة منها وأعطني التسعين" فإن ذلك يصح، ولا يصح أن يقول زيد لبكر:"أقترض لي من محمد مائة واضمنِّي فيها ولك عشرة منها"؛ للتلازم؛ حيث إن الصيغة الأولى لا ضمان فيها، وأخذ بكر أجرته على توسطه بين زيد ومحمد فلزم صحتها، أما الصيغة الثانية ففيها ضمان وهو بمثابة قرض جرَّ نفعًا: فلزم عدم صحته؛ لأنه يؤدي إلى الربا.