للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرهن (في كل عين يجوز بيعها)؛ لأن القصد منه الاستيثاق بالدَّين؛ ليتوصَّل إلى استيفائه من ثمن الرهن عند تعذُّره من الراهن، وهذا مُتحقق في كل عين يجوز بيعها (٦) (حتى المكاتب)؛ لأنه يجوز بيعه، ويُمكَّن من الكسب وما يؤدِّيه من النجوم رهن معه، وإن عجز: ثبت الرهن فيه وفي كسبه، وإن عتق بقي ما أدَّاه رهنًا، ولا يصح شرط منعه من التصرف، والمعلَّق عتقه بصفة إن كانت تُوجد قبل حلول الدَّين: لم يصح رهنه وإلا: صحَّ (٧)، ويصح الرهن (مع الحق) بأن يقول: "بعتك هذا بعشرة إلى شهر

مالكًا للشيء المرهون، غير محجور عليه، أو يكون قد أذن الشارع له بالتصرُّف فيه كولي على مال صبي ومجنون وسفيه، وأن يكون قد استعار أو استأجر عينًا يصح رهنه مدة استعارته أو استئجاره، للتلازم؛ حيث إن رهن شيء عند آخر هو نوع تصرُّف في ذلك الشيء: فيلزم اشتراط ذلك؛ إذ لا يصح رهنه بدونه، فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لأموال الآخرين أن تُرتهن بدون علم، وفيه منع للتحايل لأكل أموال الناس بالباطل.

(٦) مسألة: يصح أن يُرهن كلُّ عين يجوز بيعها: سواء كانت نقدًا أو لا، وسواء كانت مؤجَّرة، أو جُعْلًا، أو لا، إلا المنافع: فلا يجوز رهنها مع أنه يصح بيعها؛ للتلازم؛ حيث إن كل ما يجوز بيعه يلزم منه تحقُّق مقصود الرَّهن وهو: الاستيثاق بالدَّين؛ ليتوصَّل المرتهن من ثمن العين المرهونة، ليأخذ حقَّه منه إن تعذَّر استيفاء الدَّين من الغريم الراهن للعين، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: لأن كل ما كان محلًّا للبيع كان محلًّا لحكمة الرهن، وكل شيء محل حكمته.

(٧) مسألة: المكاتب - وهو: العبد الذي اشترى نفسه من سيده بأقساط ونجوم يُسدِّدها هذا العبد لسيده على مدة - لا يصح للسَّيد أن يرهنه؛ للتلازم؛ حيث إن استدامة القبض شرط في الرهن، والكتابة تقتضي عدم استدامة القبض؛ لأنه سيعتق نفسه بتسديده لثمنه: فيلزم من ذلك عدم صحة رهنه؛ وذلك لحرمان المرتهن منه في هذه الحالة، وبهذا تفوت مصلحته، فإن قلتَ: يصحّ للسيد أن يرهن المكاتب، =

<<  <  ج: ص:  >  >>