المضمون بإبراء، أو قضاء، أو حوالة ونحوها:(برئت ذمة الضامن)؛ لأنه تبع له (٨)،
قلتَ: إن المضمون له يُطالب من شاء منهما في الحياة أو بعد الممات؛ ولو كان المضمون عنه مليًا باذلًا - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المضمون له حق مطالبة المضمون عنه - وهو الأصل - فكذلك له حق مطالبة الضامن، والجامع: ثبوت الحق في ذمة كل منهما، فلا فرق بينهما، قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن المضمون عنه هو الأصل والمبدل، والضامن هو التبع والبدل، فلا يُمكن تساويهما في المطالبة؛ نظرًا لتقدُّم الأصل على التبع، وتقدُّم المبدل على البدل في الأحكام كلها، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" فنحن قسنا الضامن على العين المرهونة؛ لأنه أكثر شبهًا بها، وهم قاسوا الضامن على المضمون عنه؛ لكثرة شبهه به عندهم، وهذا يُسمَّى بـ "قياس غلبة الأشباه" تنبيه: قوله ﵇: "الزعيم غارم" لا يصح للاستدلال به على أن المضمون له يُطالب من شاء منهما لأنه يُحتمل أن يكون الزعيم - وهو الضامن - غارمًا للمال الذي قد يفوت بسبب عدم دفع المضمون عنه له للمضمون له بعد مطالبته إيَّاه، وهذا هو الذي يتبادر إلى الذهن منه، ويؤيد ما ذكرناه.
(٨) مسألة: إذا برئت ذمة المضمون عنه بسبب قضائه للدَّين الذي عليه، أو بسبب أن المضمون له قد أبرأه، أو بسبب أن المضمون عنه قد أحال المضمون له على مليء ورضي المضمون له بذلك: فإن ذمة الضامن تبرأ، ولا يُطالب بشيء؛ للقياس؛ بيانه: كما أن العين المرهونة تنفكّ إذا قضى الراهن ما عليه من الدَّين، أو أبرأه المرتهن، أو أحال الراهن المرتهن إلى مليء ورضي المرتهن فكذلك الحال هنا، والجامع: أن كلًّا من الضامن والعين المرهونة وثيقة للاحتياط من أن المال سيعود لمستحقه، - وهو المضمون له، والمرتهن - فإذا عاد: فلا فائدة من التمسّك بالضامن، أو العين المرهونة، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: لأن الضامن تبع =