للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتزام الحق، فاعتبر له الرضى كالتبرُّع بالأعيان (١٢) (ويصح ضمان المجهول إذا آل إلى العلم)؛ لقوله تعالى: ﴿ولمن جاء به حمل بعير وأنابه زعيم﴾ وهو غير معلوم؛ لأنه يختلف (١٣) (و) يصح أيضًا ضمان ما يؤول إلى الوجوب كـ (العواري والمغصوب والمقبوض بسوم) إن ساومه وقطع ثمنه، أو ساومه فقط؛ ليريه أهله: إن رضوه وإلا ردَّ، وإن أخذه ليريه أهله بلا مساومة، ولا قطع ثمن: فغير مضمون (١٤) (و) يصح

كما سبق تعريفه في مسألة (١) - والتزام ذلك يكون ولو جُهل المضمون عنه، أو المضمون له فيلزم: عدم اشتراط معرفتهما، فإن قلتَ: لِمَ لا يُشترط ذلك؟ قلتُ: لأن المقصود والغرض هو دفع الحق والمال للمضمون له، فإذا حصل ذلك المقصود، فاشتراط معرفة ذلك زيادة لا يُحتاج إليها.

(١٢) مسألة: يُشترط في صحة الضمان: أن يكون الضامن راضيًا، فلا صحَّة لضمان مُكره عليه؛ للقياس؛ بيانه: كما أن التبرُّع بالأعيان لا يصحّ إلّا برضى المتبرِّع، فكذلك الضمان لا يصح إلا برضى الضامن والجامع: أن كلًّا منهما قد تبرَّع بالتزام حق، فلا يُعتبر: لا بالرضى منه، فإن قلتَ: لِمَ يُشترط ذلك؟ قلتُ: لكونه لا دفع إلّا برضى والضامن هو الذي سيدفع الحق إن لم يدفع المضمون عنه ذلك الحق.

(١٣) مسألة: لا يُشترط في صحة الضمان: أن يكون الشيء المضمون معلومًا، فيصح ضمان المجهول كأن يقول زيد لبكر: "أنا ضامن لك ما على محمد، أو ما يُقرُّ لك به محمد من مال" وهذا يُشترط فيه: أن يكون مآله إلى العلم، ومعرفة مقداره؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿ولمن جاء به حمل بعير، وأنا به زعيم﴾ ومعلوم: أن حمل البعير غير معلوم؛ لاختلاف كثرة الحمل وقلَّته باختلاف الإبل، وقوة تحمُّل بعضها دون بعض للحمل، فإن قلتَ: لِمَ لا يُشترط ذلك؟ قلتُ: لكونه التزام حق في الذمة من غير معاوضة حالية.

(١٤) مسألة: يصح ضمان ما يؤول إلى الوجوب - كما سبق بيانه في تعريف الضمان في مسألة (١) - كالعارية - أو المغصوب، وما يُجعل من جُعْل لمن بنى شيئًا، أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>