للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقرَّ له بدين أو عين فأسقط) عنه من الدين بعضه (أو وهب) من العين (البعض وترك الباقي) أي: لم يُبرئ منه ولم يهبه: (صح)؛ لأن الإنسان لا يُمنع من إسقاط بعض حقه كما لا يُمنع من استيفائه؛ لأنه : "كلَّم غرماء جابر؛ ليضعوا عنه" (٢) ومحل صحة ذلك إن لم يكن بلفظ الصلح، فإن وقع بلفظه: لم يصح؛ لأنه صالح عن بعض

وهو من صيغ العموم، وقد بين اشتراط العدالة في الصلح في قوله: "إلا صلحًا حرَّم حلالًا .. " فهذا ليس بجائز؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث قال عمر: "ردُّوا الخصوم حتى يصطلحوا" فأمر بالصلح بين الخصوم إن كان للصلح وجه فإن قلتَ: لِمَ شُرع الصلح؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه يتسبَّب في اجتماع المسلمين، وتآلف قلوبهم، ولذلك حسن الكذب لأجل الصلح، وللمصلح من الأجر أعظم من أجر الصائم القائم تطوعًا.

(٢) مسألة: إذا كان زيد يُطالب بكرًا بعشرة آلاف ريال، وأقرَّ بكر بذلك، أو كان زيد يُطالب بكرًا بعين كعشرة ثياب، وأقرَّ بكر بهذه العين، فأسقط المقرُّ له - وهو زيد - من الدَّين بعضه كألف، أو أسقط من العين بعضه كثوب مثلًا أو وهب الألف والثوب للمقرِّ - وهو بكر -، وترك التسعة الآلاف، والتسعة ثياب بدون إسقاط، أو هبة، أو إبراء: فإن هذا يصح، ويكون زيد مطالبًا لبكر بتسعة آلاف، وتسعة ثياب؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث إنه "قد كلَّم غرماء جابر بن عبد الله ليضعوا عنه" و"قد أشار على غرماء الذي أصيب في حديقته بأن يضعوا عنه النصف، فأخذوه منه" وهذا لأجل الصلح ونبذ التنازع، ودفع المشقة، فلو لم يكن ذلك الإسقاط جائزًا لما أشار به . الثانية: القياس، بيانه: كما يجوز للمسلم أن يستوفي حقه كاملًا بدون منع من أحد، فكذلك يجوز له إسقاط بعض حقه والجامع: أن كلًّا منهما له كامل التصرّف فيما يملكه تنبيه: لا يصح الإسقاط إلا بأربعة شروط ستأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>