للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لا) يصح (الصلح)؛ لأنه يجب عليه الإقرار بما عليه من الحق، فلم يحلّ له أخذ العوض عليه، فإن أخذ شيئًا: ردَّه (١٤)، وإن صالحه عن الحق بغير جنسه كما لو اعترف له بعين أو دين فعوَّضه عنه ما يجوز تعويضه: صح: فإن كان بنقد عن نقد: فصرف، وإن كان بعوض: فبيع، يُعتبر له ما يُعتبر فيه، ويصح بلفظ "صلح" وما يؤدِّي معناه، وإن كان بمنفعة كسكنى دار: فإجارة، وإن صالحت المعترفة بدين أو عين بتزويج نفسها: صح، ويكون صداقًا، وإن صالح عمّا في الذمّة بشيء في الذمّة: لم يجز التفرّق قبل القبض؛ لأنه بيع دين بدين، وإن صالح عن دين بغير جنسه: جاز مطلقًا، وبجنسه: لا يجوز بأقل أو أكثر على وجه المعاوضة (١٥)، ويصح الصلح عن

(١٤) مسألة: إذا قال زيد لبكر: "أقر لي بديني الذي عليك وهو ألف ريال وأعطيك منه مائة ريال" فأقرّ بكر بذلك: فإن الإقرار صحيح، ويُعمل به، فيجب على بكر أن يدفع ألف ريال لزيد، ولا يصح الصلح: فلا يُجبر زيد على إعطاء بكر المائة، فإن أخذ بكر شيئًا: فيجب عليه أن يردُّه؛ للتلازم؛ حيث إن بكرًا قد أقرَّ بشيء يحرم عليه إنكاره فيلزمه ما أقرَّ به كله، بدون عوض ويلزم من عدم العِوَض: عدم صحة الصلح؛ إذ لا يصح الصلح إلّا بعوض، ويلزم من إقرار بكر بكامل الألف: وجوب ردِّ ما أخذه؛ لبيان كذبه بسبب إقراره فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لأموال الناس من أن تؤكل بالباطل، (فرع): الصلح على الإقرار نوعان: أولهما: الصلح على إقرار الواقع على جنس الحق المقرر به، وقد سبق في المسائل السابقة، ثانيهما: الصلح على إقرار واقع على غير جنس الحق المقرّ به وسيأتي بيانه في المسألتين الآتيتين.

(١٥) مسألة: الصلح عن الحق المقرّ به بغير جنسه: كاعترافه له بعين أو دين فعوَّضه عنه بما يجوز التعويض عنه يقع في صور أولها: أن يكون الصلح بنقد عن نقد مثل إذا أقرّ زيد لبكر بألف درهم فصالحه بكر بمائة دينار، أو العكس: فإن هذا يُعتبر معاملة بالصَّرف، يُشترط له شروط الصرف السابقة. ثانيها: أن يكون =

<<  <  ج: ص:  >  >>