وبذل المرأة نفسها بعِوَض لا يجوز (١٢)(وإن بذلاهما) أي: دفع المدَّعى عليه العبودية، والمرأة المدعى عليها الزوجية عوَضًا (له) أي: للمدعي (صلحًا عن دعواه: صح)؛ لأنه يجوز أن يعتق عبده، ويفارق امرأته بعوض، ومن علم بكذب دعواه: لم يبح له أخذ العِوَض؛ لأنه أكل لمال الغير بالباطل (١٣)(وإن قال: أقرّ لي بديني وأعطيك منه كذا، ففعل) أي: فأقرَّ بالدَّين: (صح الإقرار)؛ لأنه أقر بحق يحرم عليه إنكاره، و
(١٢) مسألة: لا يجوز الصلح على شيء لا يجوز أخذ العِوَض عنه: كأن يدَّعي زيد أن بكرًا هذا عبده، فينكر بكر ذلك، فيُصالحه زيد على مال ليُقرَّ له بالعبودية، أو يدَّعي زيد أن تلك المرأة زوجته فتنكر ذلك، فيُصالحها زيد على مال لتقرُّ له بالزوجية، فهذا كله لا يصح؛ للتلازم؛ حيث إن إقرار الحرّ بأنه عبد، أو إقرار المرأة بأنها زوجة ببدل مال يُتفق عليه يلزم منه تحليل الحرام؛ لأن إرقاق الحرّ نفسه حرام، وبذل المرأة نفسها ببدل أو غير بدل حرام، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذا فيه حماية لحقوق الناس.
(١٣) مسألة: إذا ادَّعى زيد بأن بكرًا هذا عبد له، أو ادَّعى بأن هذه المرأة زوجته فبذل بكر مالًا ليدفع عن نفسه دعوى زيد عن طريق الصلح ويُكفّ عنه وبذلت تلك المرأة لتدفع عنها دعوى زيد عن طريق الصلح، ويكفّ عنها: فإنه يجوز ذلك؛ للقياس؛ بيانه كما أنه يجوز للرجل أن يُعتق عبده، ويفارق زوجته بعوض، فكذلك يجوز ما نحن فيه، بل هذا أولى، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذا فيه دفاع عن النفس (فرع): إذا علم زيد بأنه كاذب في دعواه: أن بكرًا عبد له أو أن دعواه أن فلانة زوجته بعد أخذ العوض منهما لما نفيا ذلك عن نفسيهما: فإن هذا العِوَض يكون حرامًا عليه؛ للتلازم؛ حيث إنه أقرَّ بأنه كاذب في ذلك فيلزم أنه أخذ ذلك العِوَض بدون مقابل، فيكون قد أكل مال الغير بالباطل، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية المسلم من نفسه.