للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعين أو دين فسكت، أو أنكر وهو يجهله) أي: يجهل ما ادُّعي به عليه (ثم صالح) عنه (بمال) حالٍّ أو مؤجَّل: (صح) الصلح؛ لعموم قوله "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرَّم حلالًا، أو أحلَّ حرامًا" رواه أبو داود، والترمذي وقال: "حسن صحيح" وصحَّحه الحاكم (١٧)، ومن ادُّعي عليه بوديعة أو تفريط فيها أو

القولية؛ حيث قال :- "لرجلين اختصما في مواريث درست بينهما -: "استهما وتوخيا الحق، وليُحلِّل أحدكما صاحبه" الثانية: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه قطع للنزاع، وعدم إشغال الذمة بشيء قد تراضيا على إسقاطه. (فرع): الصلح في الأموال قسمان: أولهما: صلح على إقرار، وقد سبق بيانه في المسائل السابقة، ثانيهما: صلح على إنكار أو سكوت، وسيأتي بيانه في المسائل الآتية.

(١٧) مسألة: إذا ادَّعى زيد على بكر فقال زيد: "إن لي عندك عينًا كعبد" أو قال: "إن لي عندك دينًا كألف ريال" فأنكر بكر، أو سكت، وهو - في حال السكوت أو الإنكار - يجهل ما ادَّعاه عليه زيد من العين أو الدَّين، ثم صالح - أعني بكر - عن ذلك بمال يدفعه لزيد معجَّل أو مؤجَّل: فإن هذا الصلح صحيح؛ للسنة القولية: حيث قال : "الصلح جائز بين المسلمين" وهو عام فيشمل ما نحن فيه وغيره؛ لأن "الصلح" اسم جنس معرَّف بأل، وهو من صيغ العموم، فإن قلتَ: لا يصح على الإنكار فلا يشمله عموم الحديث؛ للتلازم؛ حيث إنه مُتضمِّن للمعاوضة عمّا لا تصحّ المعاوضة عليه فيلزم عدم صحته؛ لكون المدَّعى عليه - وهو بكر لم يُقر بشيء فيكون مخالفًا لقواعد الشرع. قلتُ: بل يصحّ الصلح على الإنكار كما قلنا فيشمله الحديث بعمومه، وهو وقع على معاوضة وهي: أن المنكر - وهو بكر - قد افتدى نفسه من الدعوى واليمين وتكليف إقامة البيّنة، ويدفع ما يدفعه لأجل ذلك، والمدعي - وهو زيد - أخذ ما أخذه عوضًا عن حقه الذي يعتقد ثبوته، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "الخلاف في وجود عِوَض في هذا الاتفاق" فعندنا توجد معاوضة حقيقية: فصحّ الصلح، وعندهم: =

<<  <  ج: ص:  >  >>