بولًا أو غائطًا قليلًا كان أو كثيرًا (أو) كان (كثيرًا نجسا غيرهما) أي: غير البول
من غائط أو بول أو نوم" فلو لم تكن هذه الأمور ناقضة للوضوء: لما أوجب الوضوء منها؛ لأن الأمر مطلق فيقتضي الوجوب - وقد سبق - ثانيها: قوله ﷺ: "لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" فلو لم يكن الريح ينقض الوضوء: لما بطلت الصلاة بسببه، وهو مفهوم غاية، ودل عموم المفهوم هنا على: ما خرج من ذلك معتادًا أو غير معتاد، ثالثها: قوله ﷺ للمستحاضة -: "توضيء لكل صلاة" فلو لم تكن الاستحاضة ناقضة للوضوء لما أوجب الوضوء منه؛ لأن الأمر هنا مطلق، فيقتضي الوجوب، وسلس البول والريح المستمران مثل الاستحاضة؛ لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة"؛ الثالثة: قول الصحابي: حيث قال ابن عباس: "المني يوجب الغسل، والمذي والودي ففيهما إسباغ الوضوء"، الرابعة: القياس؛ بيانه: كما أن سائر الخارج من السبيلين ينقض الوضوء، فكذلك خروج الشيء من السبيلين وإن كان طاهرًا، أو مبتلًا، أو أدخل شيئًا فيهما وأخرجه منهما، والجامع: أن كلًا منها خارج من طريق يغلب على الظن من وجود نجاسة فيه، الخامسة: المصلحة؛ حيث إن من لا يقدر منع ما خرج منه كسلس بول، أو ريح مستمر أو استحاضة لو كُلِّف بإعادة الوضوء والصلاة كلما خرج منه شيء أثناء الصلاة: للحقه حرج ومشقة وضيق فدفعًا لذلك: عُفي عما خرج منه أثناء صلاته، أو بعد تطهره ضرورة من باب "المشقة تجلب التيسير"، وهذه المصلحة مُخصِّصة لعموم الكتاب والسنة السابق ذكرهما، فإن قلتَ: لِمَ كان ذلك من نواقض الوضوء؟ قلتُ: لمنافاة ما خرج من السبيلين للطهارة والنظافة؛ حيث إن هذا الخارج تستقذره النفوس السليمة، وما تستقذر تلك النفوس لا يمكن أن يتعبَّد الله وهي حالَّة فيه.