حبسه) وملازمته؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ (٢) فإن ادَّعى العسرة ودينه عن عوض كثمن وقرض أولا، وعرف له مال سابق الغالب بقاؤه، أو كان أقرَّ بالملاءة: حُبس إن لِمَ يقم بينة تخبر باطن حاله وتسمع قبل حبسه وبعده،
= السابقة لقاعدتين: الأولى: الكتاب، حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ حيث حرم الشارع من تمكين السفيه ماله؛ لأن النهي مطلق، فيقتضي التحريم، وهومنع كما سبق، وقال تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ حيث دلَّ مفهوم الشرط على أن الصبي لا يُدفع له ماله، والمجنون مثله؛ لعدم الفارق في ضعف العقل عن الإدراك، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ حيث إن الشارع قد أمر بإنظار والصبر على المعسر - وهو المفلس -، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﵇ قد حجر على معاذ على معاذ بسبب المحافظة على حق غرمائه، فإن قلت: لِمَ شرع الحجر؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن في الحجر حماية لحقوق الشخص نفسه من أن يُبذِّرها أو يأكلها الظلمة من الناس كالحجر على المجنون والصبي، والسفيه، وحماية لحقوق الغرماء كالحجر على المفلس ونحوه - كما سبق -.
(٢) مسألة: إذا كان الشخص عليه دين، ولم يقدر على وفائه، وكان صادقًا في ذلك: فلا يجوز لغريمه أن يُطالبه، ولا يحجر عليه، ويحرم سجنه، أو معاقبته، أو ملازمته؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ حيث إن الشارع أمر الغريم بأن يصبر على هذا المعسر الصادق إلى حين يساره وسعته، والأمر بالشيء نهي عن ضدِّه، فيلزم من ذلك: تحريم معاقبته بالحبس أو الملازمة، فإن قلتَ: لَم شُرّع هذا؟ قلت: للمصلحة؛ حيث إن معاقبته بأي شيء لا فائدة من ورائها؛ لكونه لا مال له، ولقد ورد في فضل الإنظار والتوسعة على الآخرين أخبار كثيرة، كقوله ﵇:"من نفَّس عن غريمه، أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة".