= منهما عين يمكن استيفاء المنفعة المباحة منها مع بقائها، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث إنه ذهب إلى ذلك رافع بن خديج، وابن عمر وابن عباس، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه جلب مصلحة للطرفين ودفع مفسدة عنهما؛ إذ كل منهما منتفع، بل يتعدَّى ذلك إلى نفع المجتمع، فإن قلتَ: إن ذلك مكروه، للسنة القولية: حيث إنه ﷺ قد نهى عن كراء المزارع - كما رواه رافع بن خديج -، والنهي للكراهة؛ والمصلحة هي التي صرفته من التحريم إلى الكراهة؛ حيث إنه يُحتمل احتمالًا بعيدًا أن لا يكسب المستأجر إلا قدر الأجرة المشترطة - وهي العشرة الآلاف - فيعطيها المؤجر فيتضرّر المستأجر، وقد يكسب المستأجر الملايين من نتاج هذه الأرض فيكون الذي أخذه المؤجَّر قليلًا جدًّا، فيتضرّر، قلتُ: إن راوي حديثنا الخاص وراوي حديثكم العام واحد، وهو في حديثنا قد فسَّر ما رواه في حديثكم، فيحمل العام على الخاص؛ لكونهما متعارضين، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض الحديثين".
هذه آخر مسائل باب "المساقاة والمغارسة والمزارعة" ويليه باب "الإجارة".