(١٨) مسألة: لا تصح إجارة الأرض بجزء مُشاع يخرج منها كأن يقول زيد: "آجرتك هذه الأرض بربع ما تزرع فيها من بُرٍّ ونحوه"، وإن وقع ذلك: فتكون مزارعة ومغارسة وليست بإجارة، وهو قول كثير من الحنفية والشافعية، واختاره أبو الخطاب؛ للتلازم؛ وقد ذكرناه في مسألة (١٧)، فإن قلتَ: بل تصح وتكون إجارة حقيقية، ولها شروط الإجارة؛ فإن لم يزرعها المستأجر: فإنه يدفع ما يعادل القسط المشترط لصاحب الأرض بتقدير زرعها، وذلك بالنظر إلى أرض تساويها في المساهمة وقريبة منها، ومن جنس ذلك الطعام الذي يمكن أن يزرع، هذا ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم الغرر: صحَّة ذلك قلتُ: لا يُسلَّم هنا عدم الغرر والجهل؛ لكون هذا الجزء المشروط غير معلوم تقديره، وما لا يعلم تقديره لا يكون عوضًا، ثم إن المستأجر قد لا يزرعها لأي سبب فيقع الاختلاف والتنازع بينه وبين المؤجَّر في تقدير ذلك القسط المشترط؛ لأن الأراضي تختلف في محصولها وإن كانت متقاربة، وهذا معلوم بالعادة والعرف، فسدًا لذلك: لا تصح إجارة الأرض بجز مشاع مما يخرج منها فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازمين".
(١٩) مسألة: تجوز إجارة الأرض بسعر معلوم المقدار عند العقد كأن يقول المؤجر: "أجَّرتك هذه الأرض لتزرعها أو تغرسها كل سنة بعشرة آلاف ريال" ونحو ذلك أو يقول: "أجرتك هذا البستان لتقوم بما يُصلحه وتأخذ ثماره كل سنة بعشرة آلاف" ونحو ذلك؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ حيث إن حنظلة بن قيس سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال:"نهى رسول الله ﷺ عن كراء الأرض" فقلتُ: بالذهب والفضة؟ قال:"إنما نهى عنها ببعض ما يخرج منها أما بالذهب والفضة فلا بأس" وهو واضح الدلالة؛ الثانية: القياس، بيانه: كما تجوز إجارة الدور بالأثمان فكذلك تجوز إجارة الأراضي لزراعتها بالإثمان، والجامع: أن كلًّا =