ومزارعة بلفظهما، ولفظ: المعاملة وما في معنى ذلك (١٦)، ولفظ: إجارة؛ لأنه مؤدٍ للمعنى (١٧) وتصح إجارة أرض بجزء مشاع مما يخرج منها، فإن لم تزرع نظر إلى مُعدَّل
(١٦) مسألة: يصح عقد المساقاة، والمزارعة، والمغارسة بلفظ كل منها: فيقال "قد ساقيتك وزارعتك، وغارستك"، ويصح بلفظ المعاملة فيقال:"عاملتك" أو "اعمل في أرضي هذه" أو "في بستاني حتى تكمل ثمرته" أو ما في معنى ذلك كقوله: "فالحتك" وقوله: "تعهَّد نخلي" أو "اسقه" أو نحو ذلك؛ وتصح بأي لفظ عرف المتعاقدان أن المقصود منه عقد المساقاة، أو المزارعة، أو المغارسة؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إن الراوي قال:"عامل النبي ﷺ أهل خيبر. ." فإن ذلك يُفيد أن لفظ "المعاملة" يصح، الثانية: التلازم؛ حيث إن الألفاظ الأخرى كساقيتك، أو زارعتك، أو غارستك حقيقة في ألفاظها فيلزم صحتها ويلزم من تأدية الألفاظ الأخرى للمعنى المقصود: صحتها.
(١٧) مسألة: لا تصح المساقاة والمزارعة والمغارسة بلفظ "الإجارة"؛ وهو قول كثير من العلماء كأبي الخطاب للتلازم؛ حيث إنه يُشترط للإجارة: كون العوض معلومًا فيلزم عدم صحة عقدها بلفظ الإجارة؛ لأن العوض في عقد المساقاة والمغارسة، والمزارعة يشترطان أن لا يكون معلومًا، بل يكون بجزء مشاع معلوم النسبة كثلث المحصول ونحو ذلك كما سبق. فإن قلتَ: تصح بلفظ: "الإجارة"، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للقياس؛ بيانه: كما أنها تصح بالألفاظ السابقة في مسألة (١٦) فكذلك تصح بلفظ الإجارة، والجامع: أن كلًّا منها يؤدّي إلى المعنى المراد والمقصود. قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إنه يُوجد فرق بين عقدي الإجارة والمساقاة من حيث اشتراط العلم بالعوض وعدمه، وهذا فرق أساسي بين العقدين يتسبَّب في الخلط بين حقائق الأمور، فدفعًا لذلك: لم يصح، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازم مع القياس" كما بيناهما.