إليه بقوله:(كل ما أوجب غُسلًا) كإسلام، وانتقال مني ونحوهما:(أوجب وضوءًا إلا الموت) فيوجب الغسل دون الوضوء (١٩) ولا نقض بغير ما مرَّ كالقذف،
من أن آخر ما سمعه من النبي ﷺ: ترك الوضوء من أكل جميع اللحوم، وهذا وإن كان عامًا إلا أنه بسبب تصريحه بطريق من طرق النسخ صار ناسخًا للخاص، وهو قريب من معرفة تاريخ ورود النصين، لكونه أشار إلى الأمر الأول، وعلى فرض عدم نسخه: فإن المقصود بالوضوء المأمور به في حديث جابر بن سمرة هو: غسل اليد والمضمضة؛ لأن لحم الإبل فيه دسامة زائدة تلصق باليد والفم غالبًا، فلحماية المسلم من أن يبيت وفي يده أو فمه دسامة أمر بذلك لئلا تأتي بعض الحشرات كالعقارب بسبب هذا الدسم فتلدغه، هذا ما قاله جمهور العلماء، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض حديث جابر بن عبد الله مع حديث جابر بن سمرة والبراء" فعندنا: يقدم حديث جابر بن عبد الله لأنه ناسخ للآخر، وعندهم: يقدم حديث جابر بن سمرة والبراء؛ لأنه خاص والآخر عام، والخاص مقدم، تنبيه: جعل أكثر الحنابلة أكل لحم الإبل هو الناقض السابع للوضوء ولكن الراجح خلاف ذلك.
(١٩) مسألة: في السابع - من نواقض الوضوء - وهو: كل شيء أوجب غسلًا: بأن جامع امرأته، أو التقى الختانان، أو حاضت أو نفست المرأة: فإن الوضوء ينتقض؛ للتلازم؛ حيث يلزم من وجوب الغسل عليه - نظرًا لوجود الحدث الأكبر -: انتقاض وضوؤه؛ لكون الحدث الأكبر: حدث أصغر وزيادة، وهذا هو المقصد الشرعي منه، تنبيه:"إسلام الكافر" الذي ذكره لا يصلح مثالًا لذلك لأن الكافر لا طهارة له أصلًا، فكيف ينتقض وضوؤه؟! تنبيه آخر:"انتقال المني دون خروجه" الذي ذكره المصنف لا يصلح مثالًا لذلك؛ لأن انتقال المني لا يوجب غسلًا - كما سيأتي تقريره في باب الغسل - تنبيه ثالث: إذا أوجب الشارع الغسل من شيء كجنابة ونحوها: فإنه لم يوجب الوضوء =