(و) السابع (أكل اللحم خاصة من الجزور) أي: الإبل، فلا ينقض بقية أجزائها كالكبد، وشرب لبنها، ومرق لحمها، سواء كان نيئًا، أو مطبوخًا، قال أحمد:"فيه حديثان صحيحان: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة"(١٨)(و) الثامن المشار
(١٨) مسألة: أكل اللحم لا ينقض الوضوء، سواء كان لحم إبل، أو لا، وسواء كان مطبوخًا أو نيئًا، وهو مذهب الجمهور؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال جابر بن عبد الله:"كان آخر الأمرين من رسول الله ﷺ ترك الوضوء مما مسَّت النار" وفي رواية: "مما غيّرت النار" وهذا عام فيشمل جميع اللحوم - ومنها لحم الإبل -؛ لكونه مما يُطبخ؛ لأن "ما" موصولة وهي من صيغ العموم، الثانية: القياس، بيانه: كما أن أكل لحم الخنزير لا ينقض الوضوء وهو حرام أكله، فإن أكل لحم غيره - ومنها الإبل - لا ينقض الوضوء من باب أولى، فيكون قياسًا أولى، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث إنه قد ثبت عن الخلفاء الأربعة - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وابن مسعود وأبي بن كعب، وابن عباس وكثيرين من الصحابة: أنه لا ينقض الوضوء شيء من اللحم، فإن قلتَ: لِمَ لا ينقض الوضوء؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن مأكول أكثر المسلمين من اللحم وخاصة لحم الإبل، لذلك سُميت "لحم الجزور" لكثرة ما يجزر فلو كان أكله ينقض الوضوء: للحق كثيرًا منهم الحرج والمشقة خاصة قلة المياه، ثم إن أكل لحم الإبل ليس فيه استقذار - كما سبق في نواقض الوضوء - فهو لا ينافي الطهارة والنزاهة، فإن قلتَ: إن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء - وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"توضأوا من لحوم الإبل"؟ - كما رواه جابر بن سمرة وروى نحوه البراء، قلتُ: هذا الحديث منسوخ بحديث جابر بن عبد الله السابق؛ حيث صرح بلفظ النسخ الصريح وهو قوله:"كان آخر الأمرين من رسول الله ﷺ ترك الوضوء مما مسَّت النار" ولا يمكن أن يصرح الصحابي العدل العارف بدلالات الألفاظ بذلك إلا إذا كان متيقنًا =