للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلمًا كان أو كافرًا، ذكرًا كان أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا؛ لما روي عن ابن عمر وابن عباس: "أنهما كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء"، و "الغاسل" هو: من يُقلِّبه ويُباشره، ولو مرَّة، لا من يصب عليه الماء، ولا من يُؤمِّمه، وهذا هو السادس (١٧)

لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ حيث دل مفهوم الصفة على أن الملموس بدنه أو فرجه لا ينتقض وضوؤه مطلقًا؛ لعدم وصفه بأنه "لامس"، قلت: لا فرق بين اللامس والملموس إذا وُجدت الشهوة منهما؛ حيث إن خروج الحدث هي السبب فيه، سواء كان لامسًا، أو ملموسًا، وهذا يعرفه كل عاقل متدبر، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع مفهوم الكتاب" فعندنا: يقدم القياس؛ لقوته، وعندهم: يقدم المفهوم.

(١٧) مسألة: في السادس - من نواقض الوضوء - وهو: غسل الميت، فإذا غسله متطهر: فإنه ينتقض وضوؤه إذا مس بشرته، وصاحب ذلك شهوة؛ للقياس، بيانه كما أن من مسَّ حيًا بشهوة ينتقض وضوؤه، فكذلك من مس ميتًا بشهوة مثله، والجامع: خروج حدث في الغالب في كل، بخلاف عدم المس كأن يصب الماء، أو يؤممه، أو كان المس بدون شهوة، فلا يلزم منه خروج شيء في الغالب فيبقى على الأصل، وهو متيقن طهوريته، فيُعمل على ذلك، وهذا ثابت من الاستصحاب، وهذا هو المقصد الشرعي من ذلك، فإن قلتَ: غسل الميت ينقض الوضوء: سواء شعر بشهوة أو لا - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ لقول الصحابي؛ حيث إن ابن عمر وابن عباس "كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء" ولم يرد تقييده بشهوة أو بغير شهوة، قلتُ: يُحتمل أن يكون هذا الأمر منهما أمر إيجاب، ويُحتمل أن يكون أمر استحباب، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع قول الصحابي" فعندنا: يقدم القياس؛ لقوته، وعندهم: يقدم قول الصحابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>