بقدر العادة: لم يضمن (٧١)(وتجب الأجرة بالعقد) كثمن، وصداق وتكون حالَّة (إن لم تؤجَّل) بأجل معلوم، فلا تجب حتى يحل (٧٢)(وتستحق) أي: يملك الطلب بها (بتسليم العمل الذي في الذمة) ولا يجب تسليمها قبله، وإن وجبت بالعقد؛ لأنها
= إمساكه، بخلاف الأجير المشترك فإن الشارع قد أذن له في إمساكه، لدفع الضَّرر عنه كما فصَّلنا ذلك، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع المصلحة" كما بيَّنا ذلك.
(٧١) مسألة: إذا ضرب الأجير الدابة التي استؤجر على رعيها أو الحمل عليها ضربًا لا يُتلف عادة وعرفًا: فلا يضمن فيما إذا تلفت، أو ماتت، فإن زاد عن العادة، أو ضربها في غير موضع ضرب: فإنه يضمنها إذا تلفت؛ للتلازم؛ حيث إن الضرب العادي مأذون فيه شرعًا فيلزم عدم ضمانه لها عند تلفها بسببه، ويلزم من عدم إذن الشارع بالضرب غير العادي: أنه يضمنها إذا تلفت بسببه، وقد سبق ذكر ذلك، والمقصد منه: حماية كل من الأجير، ومستأجره تنبيه: يُعرف الضرب العادي من غيره عن طريق أهل الخبرة من متوسطي العقول.
(فرع): إذا ضرب الولي صبيه، أو معلِّم الصبيان للتأديب ضربًا لا يتلف عادة وعرفًا فتلف أو مات: فالقول فيه كالقول في ضرب الدابة؛ لعدم الفارق.
(٧٢) مسألة: تجب الأجرة بنفس عقد الإجارة إذا أُطلق العقد فتكون حالَّة، أما إن اشتُرط تأجيل الأجرة وتسليمها إلى أجل معلوم: فإنها لا تجب إلّا عند انتهاء ذلك الأجل؛ للقياس؛ بيانه: كما أن ثمن المبيع يجب عند عقد البيع إذا أطلق العقد إلّا إذا اشترط تأخيره، والمهر يجب عند عقد النكاح إذا أطلق العقد إلا إذا اشترط تأخيره فكذلك الإجارة مثل ذلك، والجامع: أن كلًّا منها فيه عوض أطلق ذكره في عقد معاوضة فيستحق بمطلق العقد، واشتراط التأخير لا خلاف فيه؛ لأن المسلمين عند شروطهم، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لأن عقد الإجارة سبب لوجوب الأجرة، والسبب يكون بعد المسبب مباشرة.