وتنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها (٢)، ويشترط أهلية المعير للتبرّع شرعًا، وأهلية المستعير للتبرّع له (٣)، وهي مستحبة؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (٤)
(٢) مسألة: تنعقد الإعارة بكل لفظٍ يدل على الانتفاع بالعين بدون عوض وإرجاعها كقول زيد لعمرو: "أعرتك هذه الدابة لتركبها"، أو يقول له:"أبحت لك الانتفاع بها" أو يقول عمرو لزيد: "أعطني هذه الدابة أركبها" فيُسلِّمها زيد له، وتنعقد بكل فعل يدل عليها كأن يقوم زيد بحمل عمرو على دابته، أو تغطيته بردائه أو نحو ذلك؛ للقياس؛ بيانه: كما أن زيدًا يُبيح الطعام لضيفه بالقول والفعل الدالين على هذه الإباحة، فكذلك تنعقد الإعارة بالقول والفعل الدالين عليها والجامع: أن كلًّا منهما إباحة للتصرف.
(٣) مسألة: يُشترط في صحة الإعارة: أن يكون المعير والمستعير جائزي التصرُّف، بأن يكون المعير أهلًا للتبرّع، شرعًا، فالصغير، والمجنون، والسفيه، والعبد، وناظر الوقف، والمكاتب، وولي اليتيم لا يصح أن يُعيروا أحدًا، ويكون المستعير أهلًا للتبرّع له، فالصغير، والمجنون ونحوهما لا يُعارون شيئًا؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه يُشترط جواز التصرف في البائع والمشتري فكذلك يُشترط ذلك في المعير والمستعير، والجامع: أن كلًّا منهما تصرُّف في مال، فإن قلتَ: لِمَ اشتَرط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لأموال وحقوق الآخرين؛ إذ لو جازت الإعارة بدون هذا الشرط لأعار الصبيان والمجانين ونحوهم من أموالهم الآخرين حتى تفنى ولم تُردّ عليهم، ولقبل هؤلاء من غيره الإعارات، ولم يردوها؛ لكونهم لا يعرفون مقاصد المعاملات، وفي ذلك ضرر عليهم وعلى غيرهم، فدفعًا لذلك اشترط هذا.
(٤) مسألة: الإعارة مستحبَّة، أي: يُستحب أن يُعير شخص عينًا لشخصٍ آخر؛ لينتفع به ثم يردّه، لقواعد: الأولى: الكتاب، وهو من وجهين: أولهما: قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ حيث أمر الشارع بالتعاون على ما فيه بر وحث =