= على التقوى، وكونك تُعير شيئًا عندك لأخيك المسلم لتقضي حاجته من التعاون على ذلك؛ لأن لفظ "البر والتقوى" اسم جنس محلىَّ بأل وهو من صيغ العموم، فيشمل ما نحن فيه، وصرف الأمر من اقتضائه للوجوب إلى الاستحباب: السنة القولية؛ وهو حديث الأعرابي الذي سأل النبي ﷺ عن ماذا فرض الله عليه من الصدقة؟ فقال:"الزكاة" فقال الأعرابي: هل علىَّ غيرها؟ قال النبي ﷺ:"لا إلا تطوع" فنفى وجوب شيء في الأموال غير الزكاة، وأثبت أن غيرها كله تطوع، ومنه الإعارة ثانيهما: قوله تعالى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ وهذا ورد في العارية، وخصَّصها في ذلك قول الصحابي؛ حيث إن ابن عباس وابن مسعود قالا: المراد بها: العواري، وصرَّح ابن مسعود بأن المراد: القدر، والميزان، والدلو، وصرف من وجوب إعارة الماعون إلى استحبابها، السنة القولية وهو حديث الأعرابي السابق؛ الثانية: السنة الفعلية؛ حيث ﷺ إنه قد استعار درعًا من صفوان بن أمية يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟ فقال ﷺ:"بل عارية مضمونة" الثالثة: القياس بيانه: كما أنه تجوز هبة الأعيان فكذلك تجوز هبة المنافع - وهي الإعارة - فلذلك صحَّت الوصية بالأعيان، والمنافع معًا جميعًا، والجامع: الانتفاع في كل، فإن قلت: لِمَ استُحبت الإعارة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه إظهار تعاون وتكافل وتكاتف المجتمع الإسلامي، فقد لا يستطيع بعضهم أن يشتري العين نفسها، ولا يستطيع استئجارها، وهو لا يستغني عنها ففتح الله له أن يستعيرها؛ ليقضي حاجته، ولينال معيره الأجر والثواب، فإن قلتَ: إن الإعارة واجبة؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ فذمهم على منعهم لإعارة الماعون وهو: الإناء - ولا يذم على ترك شيء إلّا إذا كان واجبًا؛ لأن الواجب: ما ذمّ على تركه مطلقًا، فيلزم أن تكون الإعارة واجبة قلتُ: إن السنة القولية - وهو: حديث الأعرابي السابق الذكر - هو الذي صرف الأمر من اقتضائه للوجوب إلى =