للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تلفت هي أو أجزاؤها في انتفاع بمعروف: لم تضمن؛ لأن الإذن في الاستعمال تضمَّن الإذن في الإتلاف، وما أُذن في إتلافه غير مضمون (١٩) (وعليه) أي: وعلى

= تلفت وقبل المعير ذلك: فإن الضمان يسقط عنه، إذا تلفت، فلا يُطالب بها المعير، ولا بقيمتها، وهو مذهب كثير من العلماء؛ للسنة القولية: حيث قال : "المسلمون على شروطهم" وهو عام لهذا ولغيره، فأيُّ شرط لا يُخالف الكتاب والسنة فهو صحيح ومُلزم؛ لأن "شروطهم" جمع منكر مضاف إلى معرفة - وهو الضمير- وهو من صيغ العموم، فيشمل ما نحن، فيدل على نفي الضمان بشرطه، فإن قلتَ: الضمان يجب على المستعير إذا أتلف العارية بتعدٍّ أو تفريط ولو شرط عدم ضمانها؛ وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث إن العارية إذا تلفت بتعدٍّ أو تفريط: فإنها تُضمن - وهذا هو مقتضى عقد الضمان ولا يُغيِّر هذا المقتضى شرط شارط مهما كان فيلزم ضمانها قلتُ: إن هذا التلازم مخالف لعموم السنة القولية، فلا يعمل به، ثم إن الضمان من حقِّ المعير، وهو قد أسقط حقه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل التلازم مُخصِّص لعموم السنة هنا؟ " فعندنا: لا، وعندهم: نعم.

(١٩) مسألة: إذا أودع زيد عند عمرو وديعة واشترط المودع على عمرو: أن يضمنها إن تلفت عنده، وقبل المودَع - وهو عمرو - ذلك: فإنه يضمنها إذا تلفت، فيُطالبه المودع - وهو زيد - بها؛ للسنة القولية: حيث قال : "المسلمون على شروطهم" وقد بيّناه في مسألة (١٨)، فإن قلتَ: إن الوديعة لا تضمن إذا تلفت، وإن شُرط ضمانها، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث إن مقتضى عقد الوديعة يلزم منه عدم ضمانها، فالشرط لا يُغيِّر هذه القاعدة قلتُ: الجواب عنه، وسبب الخلاف في ذلك كما قلنا في مسألة (١٨) تنبيه: قوله: "وإن تلفت هي أو أجزاؤها" إلى قوله: "غير مضمون" قد سبق بيانه بالتفصيل في مسألة (١٦)، ولا داعي لتكراره.

<<  <  ج: ص:  >  >>