استيفاء المنفعة بنفسه، وبوكيله؛ لأنه نائبه (٢٢)(ولا يُعيرها) ولا يُؤجِّرها؛ لأنها إباحة المنفعة فلم يجز أن يبيحها غيره كإباحة الطعام (٢٣)(فإن) أعارها و (تلفت عند الثاني:
= وكذا الدابة المستأجرة، والمعارة على المالك - أيضًا - وهو ما ذكره المصنف هنا.
قلتُ: هذا مخالف لعموم السنة السابقة الذكر، ومخالف للمصالح الشرعية إذ لو رفع المستأجر يده عن العين المؤجرة فقط: من دار أو دابة، وكذا: الدابة المعارة، والمؤجِّر أو المعير لم يعلم بذلك: فإنهما سيكونان محلًا لسرقتهما أو لتلفهما، وهذا محسوب على المستأجر والمستعير فدفعًا لذلك: شُرع ما قلناه.
(٢٢) مسألة: المستعير هو الذي يستوفي منفعة العين المعارة بنفسه، ويستوفيها بواسطة وكيله؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المستأجر يستوفي منفعة العين المؤجرة بنفسه وبواسطة وكيله فكذلك المستعير مثله، والجامع: أن كلًّا من المستأجر والمستعير ملك التصرف بالمنفعة بإذن المالك - وهما: المؤجِّر، والمعير - ولهما أن يستوفياها بواسطة وكيلهما؛ لكون الوكيل في كل شيء نائبًا عن الموكِّل في الاستيفاء، ويده كيد الموكِّل، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تحديد المستوفي لمنفعة العين المعارة؛ لئلا يستعملها غير المستعير أو وكيله فيتضرَّر المعير.
(٢٣) مسألة: إذا استعار زيد ثوبًا من عمرو: فلا يجوز للمستعير - وهو زيد - أن يُعير هذا الثوب لبكر، ولا يجوز أن يُؤجِّره عليه، ولا يجوز له أن يرهنه إياه إلّا بشرط أن يأذن المالك - وهو عمرو - بأن يُعير زيد الثوب لبكر، أو يُؤجِّره، أو يرهنه، فإن أذن: جاز، وإلا فلا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن عمرًا لو أباح لزيد أن يأكل من طعامه فليس لزيد أن يُبيح هذا الطعام لبكر، فكذلك الحال هنا، والجامع: أن كلًّا منهما فيه إباحة الانتفاع بالعين وإباحتها لشخص معيَّن، فلا تتعدَّى هذه الإباحة غيره؛ لكون المقصود في ذلك الانتفاع الشخص نفسه، فقد يكون عمرو لا يُبيح لبكر أن يأكل من طعامه، ولا ينتفع بشيء له، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلت: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية حق المالك - وهو المعير الأول =