استقرَّت عليه قيمتها) إن كانت متقوِّمة: سواء كان عالمًا بالحال أو لا؛ لأن التلف حصل في يده (و) استقرَّت (على مُعيرها أجرتها) للمعير الأول إن لم يكن المستعير الثاني عالمًا بالحال، وإلا: استقرّت عليه أيضًا (و) للمالك أن (يُضمِّن أيَّهما شاء) من المعير؛ لأنه سلَّط على إتلاف ماله أو المستعير، لأن التلف حصل تحت يده (٢٤)(وإن
= وهو عمرو -؛ لئلا يتحايل أحد كان يكرهه فيستعير من المستعير الأول ملك المعير - وهو عمرو - فيتلفه فيتضرَّر. فإن قلتَ: بل يجوز للمستعير - وهو زيد - أن يُعيرها لبكر، وهو قول كثير من العلماء منهم أبو حنيفة، وهو قول الشافعي؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه يجوز للمستأجر تأجير العين التي استأجرها - كما سبق في مسألة (٢٨) من باب "الإجارة" - فكذلك يجوز للمستعير أن يعير العين المعارة والجامع: أن كلًّا منهما قد أبيح له الانتفاع بالعين، فيجوز له أن يبيحها لغيره. قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن المستأجر قد ملك الانتفاع بالعين فملك أن يُملِّكها غيره، أما المستعير فلم يملك المنفعة، إنما ملك استيفائها على الوجه الذي أذن له فيه فقط، وفرق بينهما، ومع الفرق لا قياس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" على ما بيناه: فنحن ألحقناه بمن أبيح له أكل طعام؛ لكونه أكثر شبهًا به، وهم ألحقوه بتأجير المؤجر؛ لكونه أكثر شبهًا به عندهم وهذا ما يُسمَّى بـ "قياس الشَّبه" أو "غلبة الأشباه".
(٢٤) مسألة: إذا استعار زيد ثوبًا من عمرو، ثم أعاره زيد لبكر، ثم تلف عند بكر: ففيه التفصيل: الآتي: أولًا: إن كان المعير الأول - وهو عمرو - لم يأذن للمعير الثاني - وهو زيد - بأن يُعيره إلى بكر: فإن المعير الأول - وهو لعمرو - يُضمِّنه المعير الثاني - وهو زيد -، فيجب على زيد دفع مثله إلى عمرو، وإن لم يكن له مثل فيجب عليه أن يدفع قيمته في يوم إتلافه، ولا دخل لعمرو ببكر، ويُطالب زيد بكرًا بحقه إن شاء؛ للتلازم؛ حيث إن عمرًا قد أعار زيدًا ولم يأذن بإعارته إلى بكر فيلزم أن يضمنه هو؛ لكون علاقته معه، لا مع بكر، =