للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أودعه صبي وديعة: لم يبرأ إلّا بردِّها لوليه (٢٣)، ومن دفع لصبي ونحوه وديعة: لم يضمنها مطلقًا (٢٤)،

= محروزة - ثم ردَّ بدله، ولم يرده بنفسه فضاعت جميع الدراهم: فإنه يضمنها جميعها؛ للتلازم؛ حيث يلزم من خلط الوديعة وهي الدراهم بدرهم لا يتميّز، وتغيير بعض الوديعة: أن يضمنها إن ضاعت كلها والمقصد منه: التأكيد من عدم الاقتراب من الوديعة بأي شكل.

(٢٣) مسألة إذا أودع صبي أو مجنون شخصًا مُكلَّفًا وديعة: فيجب على هذا المكلف أن يردها إلى وليهما الناظر في مالهما، ولا تبرأ ذمة المكلَّف - وهو المودع - إلّا بذلك وإن لم يردَّها إلى وليهما فتلفت: فإنه يضمنها؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المكلف يردُّ دين الصبي والمجنون ونحوهما إلى وليهما وإن ردَّه إليهما: فإنه يضمنه إن تلف بأيديهما، فكذلك الحال هنا، والجامع: أن الصبي والمجنون ونحوهما ليسوا من جائزي التصرف شرعًا، فلا يستلمون شيئًا من ذلك، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لمال المجنون والصبي ونحوهما.

(٢٤) مسألة: إذا دفع مكلَّف وديعة إلى صبي، أو مجنون، أو معتوه، أو سفيه، فتلفت: فإنهم لا يضمنونها مطلقًا: أي: سواء فرطوا، أو لا، وسواء تعدَّوا، أو لا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المكلف لو أتلف شيئًا لغيره: فإنه يضمنه، لتفريطه، فكذلك إذا دفع إلى غير جائزي التصرف شرعًا كالصبي: فإنه يضمنه هو، والصبي لا يضمنه والجامع: التفريط في كل؛ حيث من دفع إلى الصبي شيئًا فقد فرّط فيه؛ لكونه قد سلّطه عليه بدفعها إليه فيتحمَّل نتيجة تفريطه، فإن قلت: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تحذير المكلَّفين من أن يعتمدوا على غير جائزي التصرف، فإن قلتَ: إن الصبي ونحوه يضمن ما أتلفه هنا، وهو قول الشافعي، وكثير من الحنابلة كالقاضي أبي يعلى وابن قدامة؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الصبي يضمن إذا أتلف شيئًا غير مودع إليه، فكذلك يضمن ما أتلفه بعد=

<<  <  ج: ص:  >  >>