فصل:(ويقبل قول المودَع في ردِّها إلى ربها) أو من يحفظ ماله (أو غيره بإذنه) بأن قال: "دفعتها لفلان بإذنك" فأنكر مالكها الإذن، أو الدفع: قبل قول المودَع، كما لو ادَّعى ردَّها على مالكها (٢٦)(و) يُقبل قوله أيضًا في (تلفها وعدم التفريط)
= إيداعه إياه، والجامع: إتلاف مال الغير في كل. قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأنه في هذه المسألة قد قصد ذلك المكلف ومكَّنه من قبض المال - وهي الوديعة - فكأنه هنا قد ساعده وشاركه على الإتلاف، بخلاف ما لو أتلف شيئًا لم يودع إليه فلم يُساعده أو يُشاركه عليه، ومع الفرق: لا قياس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" كما هو واضح.
(٢٥) مسألة: إذا دفع شخص إلى عبد مكلف وديعة، وتلفت: فإنه يضمنها لصاحبها في رقبته؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كونه مكلفًا قد جنى بإتلافه: أن يضمن ما أتلفه، حماية لحق المودِع، وهو المقصد منه.
(٢٦) مسألة: إذا ادَّعى المودَع: أنه ردَّ الوديعة إلى صاحبها، أو ردَّها إلى من يحفظ ماله عادة كوكيله، أو عبده، أو زوجته، أو خازنه، أو دفعها إلى إنسان أجنبي بإذن من صاحبها: فأنكر صاحب الوديعة كل ذلك، أو أنكر من دفعت إليهم، ولا بيّنة لكل منهم: فإنه يُقبل قول المودَع مع يمينه؛ للمصلحة؛ حيث إنه لو لم يُقبل قول المودَع هنا: لأقضى ذلك إلى أن يمتنع الناس من قبول ودائع الآخرين عندهم وحفظها لهم، وقضاء حاجتهم بذلك، نظرًا لحدوث مثل هذه الخلافات بين الدافع والمدفوع إليه عادة، ولكون الوقت قد يضيق عن إثبات البيّنات، أو قد يصعب ذلك، وهذا فيه إلحاق مفسدة كبيرة في المجتمع الإسلامي، فدفعًا لذلك: شرع قبول قول المودَع ودفعها إلى هؤلاء كدفعها إلى صاحبها في ذلك، فإن قلتَ: لم يُطلب من المودَع اليمين؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه الاحتياط؛ إذ قد يكون صاحب الوديعة، أو غيره ممن دفعت إليهم صادقين في إنكارهم، فردًا=