وصحَّحه، وعن عائشة مثله، رواه مالك، وأبو داود، وقال ابن عبد البر: هو مسند صحيح متلقَّى بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم (من مسلم وكافر) ذمي، مكلف وغيره؛ لعموم ما تقدَّم، لكن على الذمي خراج ما أحيا من موات عنوة (بإذن الإمام) في الإحياء (وعدمه)؛ لعموم الحديث، ولأنها عين، مباحة، فلا يفتقر ملكها إلى إذن (في دار الإسلام وغيرها) فجميع البلاد سواء في ذلك (والعنوة) كأرض الشام، ومصر والعراق (كغيرها) مما أسلم أهله عليه، أو صولحوا عليه (٢) إلا ما أحياه
(٢) مسألة: يُباح إحياء الأرض الميتة التي لا مالك لها، ولا ينتفع بها عامة المسلمين، فيقوم الشقص بإحيائها بالسقي، أو الزرع أو الغرس، أو البناء، أو بالتحويط، وبذلك يملكها ملكًا حقيقيًا؛ سواء كان ذلك الشخص مسلمًا أو كافرًا ذميًا، وسواء كان مكلفًا أو لا، وسواء أذن الإمام أو نائبه، أو لا، وسواء كانت تلك الأرض في دار الإسلام، أو دار حرب، وسواء كانت قد فُتحت عنوة، أو صلحًا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"من أحيا أرضًا ميتة فهي له" وهذا عام؛ لأن "مَنْ" الشرطية من صيغ العموم، فيشمل المسلم والكافر الذمي، والمكلف وغيره ومن أذن له أو لا، وأطلقت الأرض فشملت الأرض المفتوحة عنوة، أو صلحًا، وشملت أرض الإسلام، وأرض الكفار، الثانية: القياس؛ بيانه: كما أن أخذ الحشيش والحطب لا يحتاج إلى إذن الحاكم أو نائبه، فكذلك إحياء الأرض وأخذها لا يحتاج إلى ذلك والجامع: أن كلًّا منها عين مباحة، والعين المباحة لا تفتقر ولا تحتاج إلى إذن أحد، فإن قلت: لِمَ شُرع إحياء الموات؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حثّ على إعمار بلاد المسلمين بالزراعة والغراس النافع للمسلمين، (فرع): إذا قام الذمي بإحياء أرض من أراضي المسلمين فيجب عليه إعطاء خراجها لإمام المسلمين؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون الأرض للمسلمين: أن لا تُقرُّ في يد غيرهم بدون خراج، مثلها مثل الأرض غير الموات.