مسلم من أرض كفار صولحوا على أنها لهم ولنا الخراج (٣)(ويُملك بالإحياء ما قرب من عامر إن لم يتعلّق بمصلحته)؛ لعموم ما تقدم، وانتفاء المانع، فإن تعلّق بمصالحه كمقبرة، وملقى كناسة ونحوهما: لم يُملك (٤)، وكذا: موات الحرم وعرفات لا يملك بالإحياء (٥)، وإذا وقع في الطريق وقت الإحياء نزاع فلها سبعة أذرع، ولا تغيّر بعد
(٣) مسألة: لا يجوز لمسلم أن يحيي أرضًا من أراضي الكفار الذين صولحوا على أن تلك الأراضي لهم، ويُسلِّموا لنا الخراج؛ للتلازم؛ حيث إن ذلك الصلح واقع في بلادهم، والموات واقع فيها أيضًا فيلزم: عدم جواز التعرّض لشيء منها؛ لأن فيه خرقًا لعقد الصلح، وهذا لا يحسن من المسلمين.
(٤) مسألة: يجوز أن يُملك بالإحياء كل ما قرب من عامر أو قرب من مملوك بشرط: أن لا يتعلَّق به مصلحة العامر والمملوك، فإن تعلَّق به مصلحته، كمدفن موتي القرية وموضع قماماتها، وفنائها، ومرعى ماشيتها، وموضع احتطابها، وطرقها، ومسيل مائها، وحريم النهر، والبئر، والعين، وملقى آلات الشخص أمام بيته: فإن هذا لا يُملك بالإحياء، ويُرجع في معرفة القرب والبعد إلى العرف والعادة عند أهل كل قرية؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"من أحيا أرضًا ميتة فهي له" وهذا عام؛ لأن "مَنْ" الشرطية من صيغ العموم، فيشمل ما قرب من العامر والمملوك وما بعد، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث أقطع ﷺ بلال بن الحارث العقيق وهو من عمارة المدينة، الثالثة: القياس؛ بيانه: كما يجوز إحياء البعيد عن العامر والمملوك، فكذلك يجوز إحياء القريب منه والجامع: عدم المانع في كل، الرابعة: المصلحة: حيث إن إحياء ما تعلَّقت به مصلحة العامر والمملوك يُفسد ذلك العامر والمملوك على أهله الذي هم أحق بالمراعاة؛ لكونهم أسبق، لذلك اشتُرط ذلك الشرط؛ لأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح.
(٥) مسألة: لا يملك بالإحياء الأراضي التي هي حول الحرم المكّي، وأراضي أداء المناسك كعرفات ومنى، ومزدلفة، والطرق الواسعة المودِّية إليها؛ للمصلحة: حيث =