للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبالفعل الدال عليه) عرفًا (كمن جعل أرضه مسجدًا وأذن للناس في الصلاة فيه) أو أذَّن فيه وأقام (أو) جعل أرضه (مقبرة وأذن) للناس (في الدفن فيها) أو سقاية

= العموم، الثانية: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: أن ابن عمر قال: أصاب عمر أرضًا بخيبر فأتى النبي يستأمره فيها قائلًا: إني أصبتُ أرضًا بخيبر لم أصب قط مالًا أنفس عندي منه فما تأمرني فيه؟ قال رسول الله : "إن شئت حبست أصلها، وتصدَّقت بها غير أنه لا يُباع أصلها، ولا يُبتاع ولا يُوهب ولا يُورث" قال: فتصدَّق بها عمر في الفقراء وذوي القربى، والرقاب، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها ويطعم صديقًا بالمعروف، غير متموِّل فيه، وهذا صريح في استحباب الوقف على الطريقة هذه؛ لأن النبي لا يرشد إلّا على طاعات وهو دال على منع التصرف في الموقوف، ثانيهما: قوله : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا من ثلاث: "صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، والوقف والسبيل من باب "الصدقة الجارية" إذا جعله في الفقراء المحتاجين له، الثالثة: فعل الصحابي: حيث إن جابرًا قال: "لم يكن أحد من أصحاب رسول الله ذو مقدرة إلّا وقف فإن قلتَ: لِمَ استحب الوقف؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك يُعتبر بابًا من أبواب الخير الذي يستمر في الحياة وبعد الممات؛ إذا كان على وجه القربة بأن وقف ذلك للفقراء والمساكين، فإن قلتَ: إن الوقف غير مشروع، وهو قول القاضي شُريح؛ للسنة القولية: حيث قال : "لا حبس عن فرائض الله" فلو كان الوقف جائزًا لأدَّى ذلك إلى أن يحول الواقف بين الورثة وبين أخذ نصيبهم المفروض قلتُ: هذا الحديث ضعيف، وعلى فرض صحته: فإن المراد به إبطال عادة الجاهلية بقصر الإرث على الذكور والكبار، دون الإناث والصغار. تنبيه: قال النووي: "الوقف مما اختصَّ به المسلمون، قال الشافعي: لم يحبس أهل الجاهلية دارًا ولا أرضًا فيما علمتُ" فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنتين".

<<  <  ج: ص:  >  >>