مسجد، ورباط، ونحوهما (٥٢)، ولا يجوز غرس شجرة، ولا حفر بئر بالمسجد (٥٣)،
وقف على عمرو، ويُعطى من ريعها كل سنة مائة درهم" وكان ريع الدار مائة وخمسين: فإنه يجب على الناظر أن يصرف ما زاد عن المائة إلى الفقراء والمساكين، ووجوه الخير مما يقرب من مصرف ما نص عليه الواقف؛ للمصلحة حيث إن مقصد الواقف هو تكثير الأجر والثواب في الوقف، وهذا يحققه لا سيما إذا عرفنا أن بقاء ما بقي من الريع -وهو الخمسون في كل عام ـ يُفسد ذلك الريع بسبب تراكمه مع أن الواقف محتاج إليه، فإن قلتَ: إن ما فضل وزاد على المعين -وهو في المثال خمسون- يُرصد ويحفظ، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للمصلحة: حيث إن ذلك أحوط، فقد يحتاج الوقف إلى إصلاح فيُصرف على إصلاحه من هذا المرصود والمحفوظ، قلتُ: هذه مصلحة محتملة فقد لا تتحقق فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض المصلحتين" فقدمنا المصلحة الغالبة والمحققة لغرض الواقف، وقدموا المصلحة المحتملة احتمالًا بعيدًا.
(٥٢) مسألة: إذا وقف على شيء فاختلّ وفسد: فإن ريع هذا الوقف يُصرف على ما يماثله فمثلًا: لو قال الواقف: "وقفت هذه الدار يُصرف ريعها وأجرتها على الثغر الفلاني -وهو حراسة حدود المسلمين-" أو قال: "يُصرف ريعها وأجرتها على المسجد الفلاني، أو على الرباط الفلاني، أو على السقاية الفلانية، فاختل وفسد الموقوف عليه: فإن ذلك الرَّيع والأجرة تُصرف على ما يُماثل الموقوف، فيُصرف في تلك الأمثلة على ثغر آخر، وعلى مسجد آخر، أو على رباط آخر، أو على سقاية أخرى على حسب القدرة؛ للتلازم؛ حيث إن ذلك يُحصِّل غرض الواقف تقريبًا: فلزم ووجب فعله؛ لمصلحة الواقف، وهذا هو المقصد منه.
(٥٣) مسألة: إذا وقف شخص مسجدًا: فلا يجوز له ولا لغيره أن يغرس شجرة، أو أن يحفر بئرًا في ذلك المسجد إذا لم يكن في هذا الغرس أو الحفر مصلحة، وفيه تضييق على المصلين، أما إن اقتضت المصلحة غرس شجرة أو حفر بئر، ولم =