حاجته) من حصره، وزيته، ونفقته، ونحوها:(جاز صرفه إلى مسجد آخر)؛ لأنه انتفاع به في جنس ما وُقَّف له (والصدقة به على فقراء المسلمين)؛ لأن شيبة بن عثمان الحجبي كان يتصدَّق بخُلقان الكعبة، وروى الخلَّال بإسناده أن عائشة أمرته بذلك، ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصُرف إلى المساكين (٥٠)، وفضل موقوف على معيَّن استحقاقه مقدَّر يتعيَّن إرصاده ونصَّ فيمن وقف على قنطرة فانحرف الماء: يُرصد؛ لعله يرجع (٥١)، وإن وقف على ثغر فاختل: صرف في ثغر مثله، وعلى قياسه
كامل المنافع أحب إلى الواقف من ناقصها؛ نظرًا لكثرة الأجر والثواب في الكامل، دون الناقص، فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض لفظ الواقف ومقصده فأيُّهما المقدم؟ " فعندنا: يُقدَّم مقصده، وعندهم: يُقدَّم لفظه. (فرع ثان) يجب على الحكّام والقضاة وولاة الأمر أن يتصرَّفوا بتلك الأوقاف المعطَّله، وهي كثيرة جدًا في أنحاء البلاد، فيبيعوها، ويجعلوا أثمانها فيما ينفع فقراء المسلمين، وبذلك تعمر الأراضي والدور الخربة، وينتفع فقراء المسلمين.
(٥٠) مسألة: إذا وقف شخص مسجدًا، وفضل عن حاجته من فرشه، أو زيته، أو نفقته، أو خشبه، أو شيء من بنائه: فإنه يُصرف إلى مسجد آخر محتاج إلى مثل هذه الأمور، أو تباع ويُتصدَّق بثمنها على الفقراء والمساكين؛ لقاعدتين: الأولى: قول الصحابي، حيث إن عائشة قد أمرت من اختصّ بحجابة الكعبة بأن يبيع ما فضل من ثياب الكعبة، ويتصدَّق بثمنها في سبيل الله والمساكين، الثانية: التلازم، حيث يلزم من عدم وجود المصرف الذي نصَّ عليه الواقف: أن يُصرف فيما ماثله، أو غيره مما يُحصِّل الأجر والثواب؛ لأنه مال قصد به وجه الله تعالى، كالوقف المنقطع المنافع، فإن قلت: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه مصلحة للواقف وللمسلمين جميعًا.
(٥١) مسألة: إذا وقف زيد دارًا على عمرو وعين مقدار ما يُعطى من ريع تلك الدار كل سنة وفضل شيء من ذلك الريع: بأن قال الواقف ـوهو زيد-: "هذه الدار=