تكون من شخص لشخص آخر منفصل عنه، فلا أن يوهب عبد سيده شيئًا، وأتي بلفظ:"ماله" لإخراج الأشياء التي لا تسمَّى مالا شرعًا كأن يوهب غيره كلبًا، أو خمرًا، أو ميتة؛ لأن هذه الأشياء لا تسمى أموالًا، وأتي بلفظ:"المعلوم" لإخراج المال المجهول كالحمل في البطن وأُتي بلفظ: "الموجود" لإخراج. المال المعدوم، كالذي لم يملكه الواهب، فهذا لا يوهب ولا يُعطى ولا يهدى، وأنّي بلفظ "في حياته" لإخراج الوصية؛ لكونها لا يعمل بها إلّا بعد الموت، وخرج الواجب إخراجه في الحياة كنفقة من تجب عليه نفقته كالزوجة والأولاد، فإن قلت: لم جعل باب الهبة والعطية بعد باب الوقف؟ قلتُ: لأن كلًّا منهما فيه إخراج مال من مالكه بلا عوض مالي.
[فرع]: الهبة والعطية مندوب إليهما؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"تهادوا - تحابوا" والهدية هي الهبة والعطية بلا عوض، وصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب: فعل الصحابة؛ حيث إن بعض الصحابة كان لا يهدي لأحد شيئًا، فإن قلتَ: لِمَ شُرعت الهبة والعطية؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حثّ على المحبة والمودَّة بين الناس كما ورد في الحديث.
(٢) مسألة: إذا وهب زيد لعمرو شاة بلفظ الهبة، ولكنه اشترط على عمرو أن يُعطيه عنها عوضًا معلومًا كمائة، فإن ذلك يُعتبر بيعًا، تُطبَّق عليه أحكام البيع؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون ذلك تمليك بعوض معلوم: أن يكون بيعًا؛ لوجود حقيقة البيع وإن لم توجد صيغته، فإن قلتَ: إن هذا يُسمَّى هبة وإن وجد العوض؛ لقول الصحابي؛ حيث قال عمر:"من وهب هبة أراد بها الثواب: فهو على هبته" قلتُ: إن هذا القول منه ﵁ قد خالفه ابنه، وابن عباس فيه فلا يبقى حجة؛ لأنهما إذا تعارضا: تساقطا، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ:=