يقدر على تسليمه كالآبق و الشارد (٩)(وتنعقد) الهبة (بالإيجاب والقبول) بأن يقول: "وهبتك أو أهديتك أو أعطيتك" فيقول: قبلت، أو رضيت، ونحوه (و) بـ (المعاطاة الدالة عليها) أي: على الهبة؛ لأنه ﵇ كان يهدي، ويُهدى إليه، ويُعطي، ويُعطى، ويفرق الصدقات، ويأمر سعاته بأخذها وتفريقها، وكان أصحابه يفعلون ذلك، ولم يُنقل عنهم إيجاب ولا قبول، ولو كان شرطًا: لنقل عنهم نقلًا متواترًا، أو مشهورًا (١٠)(وتلزم بالقبض بإذن واهب)؛ لما روى مالك عن عائشة أن أبا بكر نحلها
(٩) مسألة: لا يصح أن يهب شخص لشخص آخر شيئًا لا يقدر على تسليمه له: كأن يهرب عبد من سيده فيهبه سيده إلى شخص آخر، أو يشرد عنه جمل فيهبه مالكه لآخر، أو يهب طيرًا في هواء، أو سمكًا في ماء، أو يهب شيئًا مرهونًا: فهذا كله لا يصح؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه لا يصح بيع ما لا يُقدر على تسليمه فكذلك لا يصح هبته والجامع: أن كلًّا منهما لا ينتفع به بعد ملكه مباشرة، وهذا هو المقصد منه.
(١٠) مسألة: تنعقد الهبة والعطية والهدية وتكون تلك من أملاك الموهب له، والمعطى له والمهدى إليه بأحد طريقين: أولهما: بالإيجاب والقبول: بأن يقول زيد الواهب لعمرو: "قد وهبتك هذه السيارة، أو أهديتك إياها، أو أعطيتك إياها أو هذا لك" أو أي عبارة تفيد العطاء والهبة. فيقول عمر -الموهب له ـ:"قد قبلتُ أو رضيت" أو أي عبارة دالّة على القبول؛ للقياس؛ بيانه: كما أن ذلك ينعقد به البيع، فكذلك الهبة ونحوها مثله. والجامع: أن ذلك يدل على التمليك في كل، ثانيهما بالمعاطاة الدالّة على الهبة والعطية والهدية، فإذا قبض الموهب له، والمهدى، والمعطى الهبة والهدية، والعطية مع ما يقارن ذلك ما يقارن ذلك من كون ذلك هبة وهدية، وعطية: فإنه يملك ذلك، وإن لم يوجد إيجاب وقبول؛ لقواعد - الأولى: السنة الفعلية: حيث إن النبي ﷺ لو كان يُهدي، ويُهدَى إليه وكان يُعطي، ويُعطَى بدون إيجاب ولا قبول، فلو كان شرطًا: لنقل وبُيِّن، ولكنه لم يُنقل ولم يُبين =