حاكم به ولا وصي: جاز لبعض من حضره من المسلمين تولِّي تركته، وعمل الأصلح حينئذٍ فيها من بيع وغيره)؛ لأنَّه موضع ضرورة، ويُكفِّنه منها، فإن لم تكن فمن عنده، ويرجع عليها، أو على من تلزمه نفقته إن نواه؛ لدعاء الحاجة لذلك (٢٤).
العقار استنقص قيمته بسبب التشقيص، وهذا ضرر عظيم، فالكبير إما أن يشتري شقص الصغير بقيمة سعر السوق، أو يُباع الملك كله بقيمة سعر السوق، ويأخذ كل نصيبه، وضرر هذا أقل من ضرر ما لو بيع شقص الصغار بمفرده، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" كما سبق بيانه، وأيضًا:"تعارض المفسدين والضررين" كما سبق.
(٢٤) مسألة: إذا مات شخص في مكان لا يوجد فيه حاكم، ولا وصي: فإنه يجوز لبعض من حضره من المسلمين أن يضع نفسه وصيًا عليه، فيعمل الأصلح في تركته: كأن يبيع ما يصلح له البيع؛ نظرًا لسرعة الفساد إليه، وحفظ ما يصلح له الحفظ، وأن يجهزه - من كفن أو حمل ودفن - من تلك التركة، وإن مات ولا تركة له: فإنه يجهزه من عنده ويأخذ ما دفعه في ذلك من تركته إذا رجع إلى بلده أو يأخذه ممن تلزمه نفقة ذلك الميت إذا نوى الرجوع في ذلك: سواء استأذن حاكمًا، أو لا، وسواء أشهد على نيّته تلك أو لا؛ للمصلحة: حيث إن ذلك تقتضيه مصلحة حفظ مال المسلم؛ إذ في تركه إتلاف لماله وفساد، والله لا يحب الفساد، ووجب تجهيزه وإن لم تكن له تركة؛ لكونه من فروض الكفايات التي هي من حق المسلم حيًا وميتًا؛ لإكرامه كما سبق.
هذه آخر مسائل باب "الموصى إليه -وهو الوصي" وهو آخر أبواب كتاب "الوصايا" ويليه كتاب "الفرائض".