دعت الحاجة إلى بيع بعض العقار؛ لقضاء دين، أو حاجة صغار، وفي بيع بعضه ضرر: فله البيع على الصغار والكبار إن امتنعوا أو غابوا (٢٣)(ومن مات بمكان لا
أغنياء؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه: كما أن الوكيل إذا وُكِّل بأن يصرف هذه الدنانير ويتصدَّق على من يشاء: فلا يجوز له أن يصرفها على نفسه، ولا على أحد من ورثته، فكذلك الوصي - وهو الموصى إليه - مثله، والجامع: وجود الاتهام في ذلك. الثانية: المصلحة؛ حيث إن فتح هذا الباب، يجعل كل وصي يأخذ من ثلث الموصى أو يُعطي ولده أو نحو ذلك، ويُسوِّغ ذلك بالحاجة ونحوها؛ حيث إن كثيرًا من الناس يسرقون أموال الآخرين بعذر الحاجة، وهم ليسوا كذلك، فسدًا لذلك كان هذا المذهب في هذه المسألة هو الصحيح، وهو الصالح لهذا الزمان وغيره من الأزمنة؛ لأن كل أحد يتعلل بالحاجة حيث لا حد لها ولا ضابط فيستغل كثير من الفساق ذلك.
(٢٣) مسألة: إذا دعت الحاجة إلى أن يقوم الوصي - وهو الموصى إليه - ببيع بعض عقار الموصى أو عقاره كله؛ لقضاء دينه - أي: دين الموصى-، أو بيع ذلك نظرًا لحاجة صغاره - أي: صغار الموصى من ورثته: فيجوز له أن يبيع ذلك: سواء أذن الكبار من ورثة الموصى ممّن يشاركون الصغار في الميراث أو لم يأذنوا بشرط أن يوجد ضرر عليهم إذا بيع بعضه؛ للقياس؛ بيانه: كما يجوز للموصي - وهو الأب - أن يفعل ذلك فكذلك يجوز للموصى إليه - وهو الوصي - فعل ذلك والجامع: دفع المفسدة في كل، وهو المقصد منه، فإن قلتَ: لا يجوز بيع حق الكبار من الورثة وهو قول أكثر الشافعية وبعض الحنابلة؛ للقياس؛ بيانه كما أنه لو كان شريك الصغار غير وارث فلا يجوز بيع ملكه ليزداد ثمن ملك غيره، فكذلك إذا شارك الصغار الكبار في الميراث فلا يجوز بيع ملك الكبار والجامع: أن كلًّا منهما ملك حقه ملكًا مستقلًا عن الآخر. قلتُ: هذا صحيح إذا لم توجد ضرورة وحاجة ولكن نتكلم هنا عن البيع للضرورة والحاجة؛ لأن ما يملكه الصغار من =