ودلو، بثمن مثل، أو زائد يسيرًا فاضل عن حاجته، واستعارة الحبل والدلو، وقبول الماء قرضًا وهبة، وقبول ثمنه قرضًا إذا كان له وفاء، (٥) ويجب بذله لعطشان ولو
زائد - أو خاف الضرر بسبب البحث عنه على نفسه أو نسائه أو أولاده أو ماله، أو رفقائه، أو جيرانه، لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ حيث إن هذا مطلق في أي آلة يُقتل بها، فيحرم على المسلم استعمال ماء يغلب على ظنه الهلاك بسببه، أو هلاك غيره، وقد استدل بهذه الآية عمرو بن العاص لما تيمم عن الغسل، وترك الماء مع وجوده في ليلة باردة، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" وهذا عام، يشمل كل ما يضر المسلم أو غيره ممن يطلع عليه بأي ضرر؛ لأن "ضرر وضرار" نكرة في سياق نفي، وهو من صيغ العموم، فإن قلتَ: لِمَ أُبيح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية للمسلم من أي ضرر يرجع إليه بسبب استعمال الماء: سواء كان هذا الضرر في بدنه، أو في بدن غيره، أو في ماله، أو مال غيره ممن حوله ويعلمهم، فشرع الله العبادات ليرحم بها عباده، لا ليعذبهم بها بأي ضرر، فإن قلتَ: لِمَ لم يجعل ذلك من شروط التيمُّم؟ قلتُ: لندرة وقوع ذلك.
(٥) مسألة: يجب على المسلم أن يوفر كل ما يجلب له الماء، ويتسبب في إيجاده كحفر بئر، وحبل ودلو وإناء أو استعارها أو وهبت له، أو شراء الماء لنفسه إذا كان ذلك بثمن المثل دون زيادة، أو اقترض ثمنه، أو وجدت زيادة قليلة لا تضر بماله، ويقدر على الوفاء بسهولة؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ حيث دل منطوق ذلك على أن العادم للماء، ينتقل إلى التيمُّم، والقادر - دون ضرر - على إيجاد ما يجلب له الماء بأي شيء مما ذكر: يسمى واجدًا للماء، فلا يحل له أن يتيمم، فإن قلتَ: لِمَ وجب ذلك؟ قلتُ: لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.