بعد موت مورِّثه؛ الحالة الثالثة: إذا اختلف ورثة أحدهما مع ورثة الآخر فادَّعى كل منهما أن مورِّثهم مات بعد مورِّث الآخرين، ولم توجد بيّنة لأي منهما، فإنهما يتحالفا: فلا يورَّث أحدهما من الآخر؛ للتلازم؛ وقد سبق بيانه في الحالة الثانية، الحالة الرابعة: أن يُعلم أن أحدهما مات قبل الآخر، ولكن لم يعلم من السابق منهما، أو علم، ولكنه نسي: فإن أحدهم لا يرث الآخر، أي: أن بعضهم لا يرث من بعض، ولكن ميراث كل منهم يكون لورثته الأحياء، وهذا مذهب الجمهور؛ لقواعد: الأولى: التلازم؛ حيث إنه يلزم من عدم وجود شرط الإرث - وهو: بقاء الوارث حيًا بعد موت مورِّثه - وعدم العلم به علمًا يغلب على الظن: أن لا يورَّث أحدهما من الآخر لتحريم العمل بالشك؛ الثانية: القياس؛ بيانه: كما أن الشخص لو تزوج امرأة، ثم تزوج أختها، وهو لا يعلم أنها أختها، ولم يدر السابقة منهما: فإنه يجعل كأنه تزوجهما معًا في وقت واحد، فيفسد النكاحان، فكذلك الحال هنا يجعل الأخوين كأنهما ماتا معًا حقيقة، ويبطل ميراث أحدهما من الآخر والجامع: عدم التأكد من شيء في كل، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث إن زيد بن ثابت، وأبا بكر وعمر، وعليًا، قد ذهبوا إلى عدم التوارث بينما في هذه الحالة، ومعلوم منزلة زيد في الفرائض؛ إذ قال ﷺ فيه:"أفرضكم زيد" وروى خارجة بن زيد عن أبيه زيد بن ثابت قال: "أمرني أبو بكر بتوريث أهل اليمامة، فورَّثت الأحياء الأموات، ولم أورِّث الأموات بعضهم بعضًا" وقال: "أمرني عمر بتوريث أهل طاعون عمواس كانت القبيلة تموت بأسرها، فورَّثت الأحياء الأموات، ولم أورِّث الأموات بعضهم بعضًا، وروي مثل ذلك عن علي في قتلى صفين، والجمل، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه احتياط للدِّين؛ إذ لا يمكن لأي أحد أن يعلم علمًا يقينيًا أو غالب على الظن أن شخصًا قد مات قبل الآخر في الموت الجماعي، =