وإنما هو تخمين غير مبني على قواعد، فإن قلتَ: إنه في الحالة الرابعة: يورث كل واحد من الآخر من تلاد ماله - وهو قديم المال - ولكنه لا يرث من جديد ماله - وهو ما ورثه من الآخر - فيُقدَّر أن أحدهما مات أولًا، ويُورَّث الآخر منه، ثم يُضاف ما ورثه إلى ماله، ثم يقسم ذلك كله على الأحياء من ورثته، ثم يقدَّر أن الآخر مات ثانيًا، ويورَّث الأول منه، ثم يضاف ما ورثه إلى ماله، ثم يقسم ذلك كله على الأحياء من ورثته، وهذا ما ذكره المصنف هنا، وهو قول أكثر الحنابلة؛ لقاعدتين: الأولى: الاستصحاب؛ حيث إن حياة أحدهما بعد الآخر ثابتة، ولكن نسي الحي بعينه، وهذا لا يُغيِّر الثابت، فنستصحب أن أحدهما كان حيًا بعد الآخر، ونعمل به، فنورِّث أحدهما من الآخر؛ بناء على ذلك الثانية: قول الصحابي؛ حيث إن ذلك قد ثبت عن ابن مسعود قلتُ: أما الاستصحاب: فقد وجد ما يُغيِّر الحالة وهو: التلازم؛ والقياس وهما دليلان معتبران، فلا يُستصحب ما قالوه بعد ذلك، أما قول الصحابي: فهو معارض بقول الصحابي الآخر - وهو قول زيد، وأبي بكر، وعمر، وعلي، فيتساقطان، مع أن ما قاله زيد يكون عادة أرجح مما قاله مخالفه؛ لكونه أعلم بالفرائض من غيره، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض الاستصحاب مع القياس والتلازم". فإن قلتَ: لِمَ قال أكثر الحنابلة: يرث من تلاد ماله دون جديده؟ قلتُ: للتلازم؛ حيث يلزم من إرث كل واحد مما ورثه الآخر منه: الدور، فلا ينتهي الأمر، فدفعًا لذلك قالوا ذلك، تنبيه: قول المصنف: "وهذا قول عمر وعلي ﵄" يعني أن عمر وعلي قد قالا كقول أكثر الحنابلة. قلتُ: هذا مخالف لما نقلناه عنهما في طاعون عمواس، وموقعة الجبل وصفين؛ إلا إذا كانا قد رجعا عن مذهبهما، وهذا لم يثبت، فائدة: عمواس: قرية بفلسطين منها ابتدأ الطاعون عام (١٨ هـ) ثم انتشر في بلاد الشام، ومات خلق كثير من المسلمين وكانت القبيلة تموت كلها، وموقعة =