خَيْرًا﴾ (٢)(وتكره) الكتابة (مع عدمه) أي: عدم الكسب؛ لئلا يصير كلًّا على الناس (٣) ولا يصح عتق وكتابة إلا من جائز التصرُّف (٤)، وتنعقد بكاتبتك على كذا
(٢) مسألة: يُستحب أن يُكاتب السيد عبده إذا سأل العبد ذلك، أو قبله بشرط: أن يكون العبد قويًا على الكسب، وأمينًا، وصالحًا؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ حيث إن الشارع قد أمر بالكتابة عندما يريد العبد ذلك بالشرط المذكور وقد صرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب قاعدتان: أولاهما: فعل الصحابي؛ حيث إن أنسًا كان له عبد - وهو سيرين، والد محمد بن سيرين - فسأله سيرين أن يُكاتبه فأبى أنس، فلو كان واجبًا لما امتنع عن مكاتبته، ثانيتهما: التلازم؛ حيث يلزم من كون المكاتبة إعتاق بعوض: عدم وجوبه؛ لكونه حقًّا من حقوق السيد، فلا يرغم على التنازل عن حقه، فإن قلتَ: لمَ كان مستحبًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه إرجاع العبد إلى أصله، وهو الحرية، فإن قلتَ: إن المكاتبة واجبة وهي رواية عن أحمد؛ للكتاب؛ حيث إن الأمر في الآية السابقة مطلق فيقتضي الوجوب؛ لذلك لما امتنع أنس عن مكاتبة سيرين، ذهب سيرين إلى عمر فأخبره فرفع عمر الدَّرة على أنس قلتُ: إن الأمر الوارد في الآية قد صرف من الوجوب إلى الاستحباب بما سبق ذكره، وفعل عمر يخالفه فعل أنس فيتساقطان فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل القاعدتان السابقتان يقويان على صرف الأمر من الوجوب إلى الندب أو لا؟ " فعندنا نعم، وعندهم: لا.
(٣) مسألة: تكره مكاتبة العبد الذي لا يقوى على التكسُّب، ويُخاف عليه الضياع؛ للمصلحة: حيث إن مكاتبته تؤدي إلى ضياعه وجعله كلًّا على الناس، يسألهم الإنفاق عليه، فدفعًا لذلك كرهت مكاتبته.
(٤) مسألة: يُشترط في المكاتبة والعتق: أن يكون السيد المكاتب والمعتق جائز التصرُّف، أي أن يكون مكلَّفًا، رشيدًا، غير محجور عليه، فلا يصح عتق ولا=