فلسيده الفسخ كما لو أعسر المشتري ببعض الثمن (٩) ويلزم إنظاره ثلاثًا لنحو بيع عرض (١٠)، ويجب على السيد أن يؤدي إلى من وفى كتابته ربعها؛ لما روى أبو بكر بإسناده عن علي عن النبي ﷺ في قوله تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ قال: ربع الكتابة"، وروي موقوفًا على علي (١١).
(٩) مسألة: إذا عجز المكاتَب عن سداد نجم وقسط من كتابته، ولم يؤدِّه إلى سيده في وقته المشترط الذي اتفقا على سداده فيه: فيجوز لسيده أن يفسخ عقد الكتابة بلا حكم حاكم؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الحر إذا اشترى دارًا مثلًا بألف، ثم عجز عن دفع بعضه: فيجوز للبائع أن يفسخ البيع، فكذلك الحال هنا، والجامع: دفع الضرر عن البائع والسيد.
(١٠) مسألة: يجب على السيد أن يُنظر مكاتِبه على حسب الإمكان؛ لأجل أن يبيع هذا المكاتَب عرضًا من التجارة، أو يأخذ دينًا حالًا على مليء، أو مودَع، أو رجوع مال غائب إليه بشرط: أن يغلب على الظن عدم مماطلة المكاتَب، وعدم تضرر السيد؛ للمصلحة: حيث إن ذلك فيه مصلحة للمكاتَب، وعدم ضرر على السيد، فوجب على السيد فعله؛ لإرجاع العبد إلى أصله، وهو: الحرية.
تنبيه قوله: "إنظاره ثلاثًا" لم أجد دليلًا على تحديد ذلك بثلاثة أيام.
(١١) مسألة: ويجب على السيد أن يضع عن المكاتَب ربع قدر الكتابة، فيتسامح عن ربع قدرها، إن شاء وضعه عنه ابتداء، وإن شاء قبضه منه، ثم يدفعه إليه؛ لقاعدتين: الأولى: للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ حيث أمر الشارع بإعطاء المكاتَب شيئًا من مال الله، وهو قول ابن عباس، والأمر هنا مطلق، وهو يقتضي الوجوب، وقدَّر عليٌّ هذا الشيء بالربع، وتفسير علي، وابن عباس للقرآن مقدم على تفسير غيرهما؛ الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ: "ثلاثة حق على الله تعالى عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف"، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛=