= والصغير، والمجنون لا يدركان المقصود من العقد؛ لذلك أُبعدا من الشهادات أصلًا، والأصم لا يسمع الكلام الذي يدور أثناء العقد، فلا يشهد على شيء، والأخرس لا يُمكنه أداء الشهادة على تمامها إذا احتيج إليه، فحفاظًا لحق الشهادة وحق الزوجين، وحق ذريتهما اشتُرطت تلك الصفات السبع في كل شاهد، فإن قلتُ: إنه لا يُشترط الشاهدان في النكاح، وهو رواية عن أحمد، وهو قول حكي عن مالك وبعض العلماء بشرط أن يُعلنا نكاحهما؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ قد تزوج صفية بنت حيي بلا شهود، الثانية: قول الصحابي؛ حيث ثبت عدم اشتراط ذلك عن ابن عمر، والحسن بن علي، وابن الزبير. قلتُ: أما السنة الفعلية: فإن قد حصل، ولكنه من خصائصه، فلا يُلحق به غيره، أما قول الصحابي فيعارضه قول الصحابي الآخر، فيتساقطان، فتبقى المصلحة التي تقتضي اشتراط الشاهدين. فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل يقاس على النبي ﵇ في زواجه من صفية أو لا؟ " فعندنا: لا، وعندهم: نعم. تنبيه: حديث جابر الذي ذكره المصنف لا يُحتج به؛ لأن في سنده مقال، لذلك استللت بغيره.
(٥٨) مسألة: لا يُشترط في الشاهدين أن يكونا بصيرين، فلو كان الشاهدان ضريرين لا يريان الولي والزوج: فإن شهادتهما تصح بشرط: أن يعرفا صوت كل من الولي والزوج؛ للقياس؛ بيانه: كما تقبل شهادة الضريرين بالاستفاضة، وبما هو مشهور بين الناس، فكذلك تقبل في عقد النكاح والجامع: أن كلًّا منهما شهادة على قول، فإن قلت: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ إذ في ذلك توسعة وتيسير على الناس، فإن قلت: لِمَ اشتُرط ذلك الشرط؟ قلت: للمصلحة؛ حيث إن ذلك زيادة في الاستيثاق والاحتياط فيلزم.
(٥٩) مسألة: لا يُشترط في الشاهدين: أن لا يكونا عدوَّين للزوجين، أو أحدهما، أو =