لأنه ليس من دينهم (ولم يرتفعوا إلينا)؛ لأنه ﵇ أخذ الجزية من مجوس هجر، ولم يعترض عليهم في أنكحتهم مع علمه أنهم يستبيحون نكاح محارمهم (٢)(فإن أتونا قبل عقده: عقدناه على حكمنا) بإيجاب، وقبول، وولي وشاهدي عدل منا؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ (٣)(وإن أتونا بعده) أي: بعد العقد
(٢) مسألة: يُقرُّ الكفار على أنكحتهم وإن كانت فاسدة ومحرَّمة أو خالفت أنكحة المسلمين بشرطين: أولهما: أن يعتقد هؤلاء الكفار صحة تلك الأنكحة في شرعهم ودينهم، ثانيهما: أن لا يترافعوا إلينا، فإذا توفَّر هذان الشرطان: فإنهم يُقرون على أنكحتهم الفاسدة، أما إن اختلَّ هذان الشرطان أو أحدهما: بأن لم يعتقدوا صحتها وحلَّها كالزنا، أو ترافعوا إلينا بسبب خلاف جرى بينهم: فإنا لا نقرّهم على تلك الأنكحة الفاسدة، بل تُجري شرعنا عليهم؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا﴾ حيث يلزم من عبارة: "وإن تعرض عنهم فلن يضروك": أنهم يتركون وأحكامهم إذا لم يجيئوا إلينا، الثانية: السنة التقريرية؛ حيث إنه ﷺ قد أخذ الجزية من مجوس هجر، وأقرهم على أنكحتهم مع علمه أنهم يستبيحون نكاح محارمهم، وكذا: أسلم الجم الكثير على يديه ﷺ فأقرهم على أنكحتهم، ولم يكشف عن كيفيتها. الثالثة: التلازم؛ حيث يلزم من عقد الصلح معهم: إقرارهم على دينهم، فإذا لم يرتفعوا إلينا لم نتعرض لهم، ويلزم من عدم اعتقادهم صحة وحل أنكحة كالزنا في دينهم: أن لا يقرون عليها: لكونهم هم لا يقرونها في دينهم أصلًا.
(٣) مسألة: إذا أراد رجل كافر أن يتزوج بامرأة كافرة مثله، وجاءا إلى أيِّ عاقد أنكحة مسلم ليعقد عقد الزواج بينهما: فيجب على هذا العاقد أن يعقده كما يعقده لو كان المتزوجان مسلمين، بإيجاب، وقبول وصيغة وولي المرأة، وحضور شاهدي عدل - كما سبق في أركان وشروط النكاح -؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: =