للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير علم بالمنكر (ثم علم به: أزاله)؛ لوجوبه عليه، ويجلس بعد ذلك (فإن دام) المنكر؛ (لعجزه) أي: المدعو (عنه: انصرف)؛ لئلا يكون قاصدًا لرؤيته، أو سماعه (وإن علم) المدعو (به) أي بالمنكر (ولم يره ولم يسمعه: خُيِّر) بين الجلوس، والأكل، والانصراف؛ لعدم وجوب الإنكار حينئذٍ (١١) (وكره النثار والتقاطه)؛ لما يحصل فيه

= لعدم الفارق، من باب "مفهوم الموافقة"، فإن قلتَ: لَمِ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن حضوره مع وجود تلك المنكرات من باب التعاون على الإثم والعدوان الذي حرمه الشارع؛ بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾، ولنفي أن يكون قاصدًا لرؤية المنكر، أو سماعه.

(١١) مسألة: إذا حضرت وليمة، ثم علمت بوجود منكرات بعد حضورك: فيجب عليك أن تنكرها إن قدرت على ذلك، ثم تجلس إن شئت في الوليمة، وإن عجزت عن ذلك فيجب عليك الانصراف ويحرم عليك الجلوس: سواء كنت قد رأيت تلك المنكرات وسمعتها، أو لم ترها، ولم تسمعها، وهو ما قرره ابن تيمية وغيره من المحققين؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ والثانية: المصلحة؛ وقد ذكرناهما بالتفصيل في مسألة (١٠)، والمقصد من ذلك هو نفس المقصد من مسألة (١٠)، فإن قلتَ: إن لم تر المنكرات ولم تسمعها: فإنك بالخيار: إن شئت جلست وأكلت وإن شئت انصرفت وخرجت وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم رؤية المنكر وسماعه: إباحة الجلوس والانصراف قلتُ: المقصود هو: إزالة المنكر عنك وعن غيرك فلا يلزم ما ذكر؛ حيث إن الواجب إزالة المنكر عن غيرك أيضًا عند المقدرة، وعند عدمها: يلزمك ترك المكان كله؛ لئلا تكون متعاونًا مع غيرك في نشر المنكرات، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في المقصود من إزالة المنكر هل هو لئلا يسمعها ويراها المزيل، أو هو لأجل نفسه وغيره؟ " فعندنا: لأجل الجميع وعندهم: لأجل نفسه فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>