الجاف والروث واختلطت بأجزاء الأرض: لم تطهر بالغسل، بل بإزالة المكان بحيث يتيقن زوال أجزاء النجاسة (٣)(و) يجزيء في نجاسة (على غيرها) أي: غير أرض
= النجاسة بسبب مطر، أو نبع ماء فإن الموضع يطهر؛ للسنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: "أنه ﷺ قد أمر بأن يُصبَّ على الأرض التي بال الأعرابي فيها دلو من الماء" والأمر مطلق، فيقتضي الوجوب وعدم التكرار، وما يتعلق بالأرض مثلها، لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة"، ثانيهما: قوله ﷺ: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" فيغسل المسلم ما يستطيعه من النجاسة وجوبًا؛ فإن عجز عن بعض النجاسة أو عن إزالة لونها أو ريحها: جاز تركه؛ لأن الواجب يسقط بالعجز عنه، فإن قلتَ: لِمَ يُجزيء في ذلك غسلة واحدة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تيسير وتسهيل على الناس؛ لكثرة ما يقع من هذه النجاسات، ولقلَّة المياه فإن لم تزل إلا بأكثر من ذلك: فعل، فإن قلتَ: لِمَ اشترط ذلك الشرط في الإزالة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن عين ولون ورائحة النجاسة تستقذره النفوس، وهذا لا يمكن أن يُتَعَبَّد به الله، ولمنع من أن يتأذى منه الخلق، فإن قلتَ: لِمَ يطهر محل النجاسة إذا مرَّ عليها ماء من مطر أو نحوه؟ قلتُ: لأن النية لا تُشترط لإزالة النجاسة؛ لكونها من باب التروك، وهذا لا يُشترط فيه نية العبد ولا قصده.
(٣) مسألة: إذا كانت النجاسة لها أجزاء يسهل دخولها في باطن الأرض، وتختلط بها، مثل:"الرِّمَّة" - وهو العظم البالي أو الدم الجاف فوق الأرض، أو روث الحمار، أو الغائط إن زادت دهنياتها ويبست: فإن الغسل لا يظهر ذلك، بل تجب إزالة أجزاء المكان الذي أصابته تلك النجاسة، بحيث يغلب على الظن زوال أجزاء النجاسة بكاملها؛ للتلازم؛ حيث إن تلك النجاسة لا تزول إلا بهذه الطريقة - فالماء لا يطهرها - فلزمت وجوبا من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".