للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع والتفريق، والأولى من أهلهما، يوكلانهما في فعل الأصلح: من جمع وتفريق، بعوض، أو دونه (٥٨).

(٥٨) مسألة: إذا حصل اختلاف بين الزوجين، وادَّعت هي بأنها نشزت؛ لكونه لم يُعطها حقها الواجب لها عليه، وادَّعى زوجها بأنها لم تعطه حقه الواجب له عليها، فكل واحد منهما يدَّعي أن الآخر قد ظلمه: فإن الحاكم - وهو القاضي - يبعث حكمين مسلمين حرين مكلفين، عدلين، ذكرين، عارفين لأحكام الصلح بين الزوجين من جمع أو تفريق بينهما، والأولى أن يكون أحدهما من أهل الزوج، والآخر من أهل الزوجة، فإن لم يمكن ذلك: فإنه يبعث حكمين من غير أهل الزوجين، فيقوم الزوج بتوكيل أحدهما عنه، وتقوم الزوجة بتوكيل الآخر عنها، ثم يجتمع هذان الحكمان مع الزوجين المتخاصمين، ويسمعان تفاصيل المشكلة الحادثة بينهما سواء كانت هذه التفاصيل سرية أو لا، ثم يحاول الحكمان أن يُلطِّفا القول مع الزوجين، وينصفا بينهما، ولا يميلا إلى أحدهما دون الآخر، ويخوفاهما من الله تعالى، ويبيّنا أن الفرقة بينهما سيتسبَّب في تشتيت أولادهما - إن كان لهما أولاد -، ويُحاولا أن يُصلحا بينهما بشتى الطرق إن رأيا أن المصلحة تقتضي الصلح بينهما، وإن رأيا أن المصلحة تقتضي التفريق بينهما: فإنهما يفرقان بينهما بعوض وهو الخلع، أو بدون ذلك؛ لقواعد الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾؛ حيث قرر الشارع هذه الطريقة للصلح بين الزوجين المتخاصمين، وأن الحكمين يفعلان ما يريانه صالحًا من الجمع أو التفريق؛ وهذا من لوازم لفظ "الحكمين"، الثانية: التلازم؛ حيث إن الزوجين راشدان فيلزم عدم جواز التصرُّف فيما يختصان فيه إلا بوكالة منهما، أو ولاية عليهما، الثالثة: المصلحة؛ حيث إن مصلحتهما تقتضي أن يكون الحكمان، مسلمين، حرين، مكلفين، عدلين، ذكرين، عارفين لأحكام الصلح بين =

<<  <  ج: ص:  >  >>