وإن نوى واحدة)؛ لقول علماء الصحابة: منهم ابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة ﵃(٤٤)(و) يقع (بالخفية ما نواه) من واحدة أو أكثر، فإن نوى الطلاق
فإنه لا يُقبل منه حكمًا، أي: يقع الطلاق وإن ادَّعى ذلك؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه: كما أنه لو تلفظ بتلك الكنايات مع مصاحبتها بنية الطلاق: فإن الطلاق يقع، فكذلك لو تلفَّظ بتلك الكنايات مع مصاحبتها لتلك الأحوال الثلاثة - حال الخصومة بينهما، وحال الغضب منه، وحال طلبها طلاقها منه: فإنه يقع الطلاق، والجامع: أن كلًّا من النية، والأحوال الثلاثة تلك أدلة على قصده وإرادته الطلاق، الثانية: التلازم؛ حيث إن دعواه:"إنه لم يرد بذلك الطلاق" فيه مخالفة للظاهر من دلالة الأحوال الثلاثة يلزم منه: عدم قبول تلك الدعوى، وإيقاع الطلاق، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لأنه يُستدل بالأحوال الظاهرة والباطنة في إثبات الأحكام على الأفراد، كأحكام الصلاة، والشهادات، والتصرفات، ونحوها، فيكون الطلاق من ضمنها، وهذا ظاهر، فإن قلتَ: إنها لا تطلق في تلك الكنايات إلّا إذا نوى بها الطلاق: سواء كان في حال غضب، أو خصومة، أو طلبها الطلاق، أو لا، وهو مذهب الجمهور؛ للتلازم؛ حيث إن تلك الكنايات مع تلك الأحوال الثلاثة ليست بصريحة في الطلاق، ولم ينوه فيلزم عدم وقوع الطلاق بها، فإن نواه: فإنه يقع، قلتُ: إن قرينة الحال ودلالته تقوم مقام النية في معرفة مقصد الشخص فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في دلالة الحال هل هي تقوم مقام النية أو لا؟ " فعندنا: نعم، وعندهم: لا.
(٤٤) مسألة: إذا تلفَّظ الزوج بلفظ من ألفاظ كنايات الطلاق الظاهرة - كما سبق ذكرها في مسألة (٤١) - ونوى بها الطلاق: فإنه يقع بها ثلاث طلقات: سواء كانت الزوجة مدخولًا بها أو لا؛ لقاعدتين: الأولى: التلازم؛ حيث إنه لفظ يقتضي البينونة في الطلاق فيلزم: أن يقع ثلاث طلقات، الثانية: قول الصحابي؛ حيث إن =