في هذه الأحوال بالكناية، ولو لم ينوه؛ للقرينة (فلو لم يرده) في هذه الأحوال (أو أراد غيره في هذه الأحوال: لم يقبل) منه (حكمًا)؛ لأنه خلاف الظاهر من دلالة الحال، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى (٤٣)(ويقع مع النية بـ) الكناية (الظاهرة ثلاث،
لقاعدتين: الأولى: التلازم؛ حيث يلزم من أن تلك الكنايات يحتمل فيها الطلاق وغيره: وجوب مصاحبتها بنية الطلاق؛ تقوية لإرادته، وتعيينًا لمقصوده وهذا يستوفيه الظاهرة والخفية، الثانية: القياس؛ بيانه: كما أن المسلم لو تطهر، ثم بعد فراغه نوى أن هذا التطهر لرفع حدثه: لا يصح تطهره، فكذلك الحال هنا، لو ذكر تلك الكنايات عن الطلاق، ولم ينو بها الطلاق، ثم بعد ذلك نواه: لم يقع الطلاق، والجامع: عدم مصاحبة النية للعمل، فلا تكون له، فإن قلتَ: إن الطلاق يقع بالكنايات الظاهرة - وهي القسم الأول في مسألة (٤١) - من غير نية الطلاق، وهو رواية عن أحمد، وهو مذهب مالك؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه لو تلفظ بصريح لفظ الطلاق كقوله: "أنتِ طالق" - فإنه يقع الطلاق، بدون نيته - كما سبق في مسألة (٣١) - فكذلك الحال في الكنايات الظاهرة والجامع: اشتهار استعمال الطلاق في تلك الألفاظ في كل، قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن اللفظ الصريح بالطلاق لا يحتمل غير الطلاق، بخلاف الكنايات الظاهرة: فإنها تحتمل الطلاق وغيره فلذا اشترطت النية فيه، ومع الفرق: فلا قياس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع التلازم" وأيضًا: "الخلاف في الكنايات الظاهرة هل تحتمل غير الطلاق أو لا؟ " فعندنا: تحتمل، وعندهم: لا.
(٤٣) مسألة: إذا تلفظ الزوج بلفظ من ألفاظ كنايات الطلاق الظاهرة أو الخفية - كما سبق بيانها في مسألة (٤١) - وهو في حال خصومة بينه وبين زوجته، ومنافرة، أو هو في حال غضب، أو هو في حال طلبها منه بأن يطلقها: فإن الطلاق يقع، ولو لم ينوه، فلو ادَّعى الزوج بأنه لم يرد الطلاق بذلك التعبير في تلك الأحوال: =