للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة": فكذلك؛ لأنه استثنى ثنتين إلا واحدة من ثلاث، فيقع ثنتان (١٩)، وإن قال: "ثلاثًا إلا ثلاثًا" أو "إلا ثنتين": وقع الثلاث (٢٠)

فلانة" فإن المستثناة لا تطلق؛ للتلازم؛ حيث إن الطلاق لا يمكن رفعه بعد إيقاعه فيلزم: عدم صحة الاستثناء في الطلاق، لعدم قدرته على رفعه قلتُ: إن الاستثناء ليس برفع لما وقع، وإنما هو مبين أن المستثنى غير مراد في الكلام؛ حيث إنه يمنع أن يدخل فيه ما لولاه لدخل، يؤيده قوله تعالى حكاية عن إبراهيم: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ حيث أراد أنه بريء من كل المعبودين، واستثنى منهم الله تعالى، فهو لا يبرأ منه، فهو أخرجه بواسطة الاستثناء، فكذلك قوله: "أنتِ طالق ثلاثًا إلا واحدة" يريد أن يبين بهذا الاستثناء أن تلك الواحدة المستثناة غير مرادة في الكلام؛ حيث منع الاستثناء دخولها، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف هل الاستثناء رافع، أو هو مبين للمراد؟ " فعندنا: الثاني، وعندهم: الأول.

(١٩) مسألة: يصح الاستثناء من الاستثناء في الطلاق ويكون الاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات، فمثلًا: لو قال الزوج لزوجته: "أنتِ طالق ثلاثًا إلا ثنتين إلا واحدة": فإن امرأته تطلق طلقتين؛ للتلازم؛ حيث استثنى من الثلاث المثبتة طلقتين ونفاهما؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي، فبقيت طلقة واحدة مثبتة، ثم استثنى من الطلقتين المنفيتين واحدة فأثبتها؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات: ومجموع طلقة مثبتة مع الطلقة الأخرى المثبتة: تساوي طلقتين. تنبيه: هذه المسألة مبنية على رأي من يقول: يجوز استثناء النصف، وهم بعض الحنابلة - كما بينته في "المهذب في أصول الفقه" (٤/ ١٦٩١) - وسيأتي الرد عليه.

(٢٠) مسألة: لا يصح استثناء النصف، ولا الأكثر، ولا الكل في الطلاق: فمثلًا: لو قال الزوج لزوجته: "أنت طالق طلقتين إلا واحدة": فإن ذلك لا يصح ولا ينفعه استثناؤه وتطلق زوجته طلقتين ولو قال لزوجتيه: "أنتما طالقتان إلا فلانة" =

<<  <  ج: ص:  >  >>